الجزء السادس


الجزء السادس
ثالثا : رأس المـــال  Le Capital
          يمثل رأس المال العنصر الثالث من عناصر الإنتاج بعد الطبيعة والعمل، و يمثل هذين  العنصرين  أهم الموارد الإنتاجية لتوافرهما بشكل تلقـائي دون حاجة لإنتاجهما. فالطبيعة تـتحق من خلال العوامل  الجيولوجية في حين يتحقـق العمل من خلال عوامل  بيولوجية يترتب عليها وجود الإنسان و مقدرته على  بذل  المجهود  في الإنتاج .([52])  في حين  أن عنصر رأس المال لا يتحقق إلا من خلال الإنتاج  الغير مباشر  و هذا يعني  إنتاج الآلات  و الأدوات  التي  تساعد  في  المراحل  المتقدمة  على كفاءة  الإنتاج ، و يري  الكثير من الإقتصاديين أن رأس المال كعنصر من عناصر الإنتاج  يختلف عن الطبيعة والعمل ، فهو  ليس  عنصراً  أولياً ، بعبارة أخرى يندر أن ينتج  رأس المال بالعمل والطبيعة وحدهما بل أنه  يستخدم أى رأس المال في  إنتاج  رأس المال الجديد ، فهو منتج ومشتق من الموارد الطبيعة  و العمل . ([53] )   
و يعتبر عنصررأس المال عنصراً أساسياً في عملية الإنتاج ، فالإنسان منذ حياته البدائية  بدأ بصنع  الأدوات البسيطة التي توفر له الوقت والجهد ولقد إكتشف الإنسان أن هذه الأدوات يمكن أن تكون بديلاً للعمل  الإنساني . وكونت هذه الإدوات   ما  يعرف  برأس المال في  ذلك  الوقت  .
وفي الوقت الحالي ، فإن كل ما نقوم  بإستهلاكه  من سلع  وخدمات    فلرأس المال  دور في  وجودها  كصناعة  الملابس ، أو  المواد الغذائية التى استخدم  رأس المال في عملية  انتاجها  كالتعليب  والتغليف و  النقل  .([54] ) 
·        قابلية رأس المال للإحـلال محـل  العمل والأرض .
          ويمكن لرأس المال أن  يكون بديلاً للعمل في بعض الحالات لأهمية  الدور الذي  يلعبه  في عملية  الإنتاج ( كإنتاج السلع أو المشاريع التي يساهم  رأس المال المال في إنتاجها وانشاءها ) فلا يمكن تصور إنتاج  بعض  السلع وانشاء بعض المشاريع دون تدخل رأس المال فيها ، مما يؤدي إلى إهدارالوقت و الطاقات البشرية مثال ذلك إنشاء الجسور و الأنفاق والبني التحتيه ولا يعنى ذلك أن يكون رأس المال  بديلاً  كاملاً  أو منافساً  للعمل فزيادة الاستعانة بالآلات في الإنتاج  تؤدي إلى زيادة  فرص العمل من ناحية ، بالإضافة إلى أن هذه الآلات  تحتاج  إلى عمل الإنسان لتشغيلها  .
و قد يكون رأس المال بديلاً للطبيعة  في  حالة عدم  توفر بعض  العناصر الطبيعية ، فيمكن إستصلاح الأراضي الزراعية لإستخدامها  في  الزراعة  ومن  الممكن  إستخدام  رأس  المال  للحصول على موارد  وطاقة قد لا تكون متوافرة  في الطبيعة و هوما جعل البعض يقول بأنه  يمكن  إعتبار رأس المال مكملاً  و بديلاً  للطبيعة و العمل  .

·        تعريف  و ماهية رأس المال و أنواعه .
          هناك عدة مفاهيم لكلمة " رأس المال "  و كل مفهوم  منها  يتناول  رأس  المال  من  زاوية مختلفة  فهناك رأس  المال الفني  و رأس  المال المحاسبي  و رأس  المال القانوني  .

1-     رأس  المال الفني  
          وهو مجموعة الأموال المادية المستخدمة في العملية الإنتاجية بطريقه غير مباشره  بغرض  إشباع  الحاجات عن طريق تمكينها من زيادة إنتاجيتها ، وهى الآلات والأدوات المادية المستخدمة  في الإنتاج أو ما  يسمى بأدوات العمل و تشمل المباني و المنشآت المقامة للإنتاج وبعض العناصر  الطبيعية  التي تم تطويرها  لكي  تساهم في العملية الإنتاجية  مثل المواد الخام .([55] )
 وقد عرفه  البعض  بأنه مجموعة الأموال التي سبق إنتاجها والتى تستخدم في عملية الإنتاج من أجل خلق المنتجات  بنوعيها الإستهلاكي  والإنتاجي و زيادة  إنتاجية العمل  .([56] )
و يعتبر رأس المال  الفني عنصر من عناصر الإنتاج .



2-  رأس المال  المحاسبي  .
          ويقصد به مجموعة القيم النقـدية التى تحتفظ بقيمتها ثابتة نتيجة لخصم الإستهلاكات  لحماية  قيمة رؤوس الأموال  الثابتة من الاستهلاك .
و العناصر  المكونة  لرأس المال تتعرض لنوعين من الإستهلاك :
( أ ) إستهلاك  مادي  للعناصر المكونة  لرؤوس الأموال الثابتة ( كالعدد  والآلات والمباني )  و يكون تدريجياً  نتيجة  لكثرة الإستخدام  في العملية  الإنتاجية  .([57] )

  ( ب ) الإستهلاك  الإقتصادي   لرأس المال و يحدث  نتجية  للتقدم العلمي و قد يكون  رأس  المال قادراً على الإنتاج  من الناجية  المادية  إلا  أن  التقدم  الفني أو العلمي قد يجعله غير إقتصادي لذلك تضطر المشروعات  إلى استبدال رؤوس الأموال التى تقادمت  فنياً برغم عدم  هلاكها مادياً و إستخدام رؤوس  أموال جديدة  ومتطورة  .([58] )

3-    رأس المال القانوني 
          و يقصد به مجموعة الحقوق التى للشخص على  بعض القيم أوالأوراق التى تدر عليه  دخلاً  دون قيامه  بعمل حال من أجل  ذلك  كا لأسهم  وا لسندات ( الأوراق المالية ) ([59] )
 و هذا  المعنى لرأس المال أوسع من المعنيين السابقين فهو يشمل  كافة عناصر الذمة  المالية  ، و التى تعطى  دخلاً سواء  كانت  هذا  العناصر تساهم  في العملية الإنتاجية أو لا تساهم  . ([60] )
و رأس المال الفنى هواالمقصود عندما نتحدث عن رأس المال كعنصرمن عناصرالإنتاج .
فهو يشمل العدد والآلات والأدوات والسلع الرأسمالية دائمة الإستعمال والمباني  والإنشاءات المقامة للإنتاج في كافة فروع النشاط الإقتصادي و يشمل أيضاً السلع التى  تستخدم في العملية الإنتاجية دفعة واحدة ثم تتحول بعد إستخدامها إلى شكل آخر  كالمواد النصف مصنعة أوالسلع الوسيطة والمواد الخام والمواد الأولية مواد الوقود .

v  أنواع  رأس  المال .
يمكن  تقسيم  رأس المال  إلى عدة أقسام  :
1-     رأس المال  نقـدي  و رأس  مال  عيني ( المعيار الشكلي)
 رأس المال النقـدي هو الذي يتخذ  صورة  تملك  عدد  معين من  وحدات النقود ، أي صفة السيولة التامة ، ويتحقق  ذلك  عندما يحتفظ  مالك  الوحدات  النقدية  بها  دون أن  يستثمرها  في شراء أى  نوع من أنواع رأس المال العيني  .
ورأس المال النقدي لا علاقة له برأس المال كعنصر من عناصر الإنتاج لأن معنى رأس المال كعنصر من عناصر الإنتاج  يجب أن يتضمن دخول رأس المال في العملية  الإنتاجية . بعبارة أخرى  فالنقود أو الوحدات النقدية لا تعتبر رأس المال إلا إذا  تحولت  إلى رأس المال عيني كأدوات أو الآلات أومعدات ومواد أولية أو مواد  نصف مصنعة  أو كاملة  الصنع  .

و يقصد بالرأس المال العيني الأموال التى  تستخدم في عملية الانتاج- أى وسائل الإنتاج ذاتها  و يختلف رأس المال العيني عن القيمة النقدية لوسائل الإنتاج أى وسائل الإنتاج  المقومة أو المقدرة  بالنقود و هو ما يطلق علية رأس المال  القيمي .([61] )

2-    رأس المال  الثابت و رأس المال المتداول 
يقسم رأس المال الفني من حيث  طبيعة الإستعمال  إلى رأس مال  ثابت  و رأس مال  متداول ، فرأس المال  الثابت هو أموال الإنتاج التي لا تفنى بإستخدامها  مرة  واحدة في العملية  الإنتاجية فلا تنتهي منفعتها الإقتصادية بإستعمالها مرة  واحدة  أو مرات قليلة  كالمباني و المناجم و المحاجر والآلات .
أما  رأس المال المتداول  فهى أموال  الإنتاج التي تفنى بإستخدامها  مرة  واحدة  في  الإنتاج كالمواد الأولية و السلع  نصف  المصنعة و السلع الوسيطة  فمنفعتها  تنتهي  بإستعمالها مرة واحدة أوعدد  قليل من المرات  ، و لرأس المال  المتداول إستخدامات  كثيرة ومتعددة كالوقود مثلاً  حيث تتعدد إستخداماته وهو ما ينطبق  أيضاً  على الخشب  في صناعة  الورق  و  الأثاث والبناء  .
في  حين أن رأس المال  الثابت  له  إستعمالات  محددة كإستعمال الدارجة الهوائية في النقل وإستعمال القلم في  الكتابة  ولعل  تعدد الإستعمالات للسلع  المتدوالة  يجعل  قدرتها  التبادلية  بالنقود كبيرة  .
     وتظهر أهمية التفرقة بين رأس المال الثابت و رأس المال المتداول عند إحتساب  نفقة الإنتاج  فيدخل في نفـقة الإنتاج القيمة الإجمالية  لرأس المال المتداول  بعبارة أخرى قيمة رأس المال المتداول تدخل  بأكملها  في نفقة الإنتاج . و ذلك لأنه يفقد  كل  منفعته الإقتصادية بمجرد إنتاج  أو تقديم  السلعة  أو الخدمة  حيث  يستوفي الغرض  منه لمجرد إستخدامه .
أما  في  رأس المال  الثابت فلا  يحسب الإ جزء  بسسيط  من قيمته  في  نفـقة  الإنتاج  و ذلك لأنه يستمر فترة طويلة  ولا يفقد  منفعته الإقتصادية  بمجرد إنتاج السلعة أو الخدمة حيث  يتوزع على  فترات عديدة ومنفعته .



3-  رأس المال الزراعي و الصناعي و التجاري  .
يقسم رأس المال هنا  حسب  الجهه التي  خصص  و وجه  لها  فرأس المال  الزراعي  يوجه  للأنشطة  الزراعية كا لآلات  و المعدات  الزراعية  و كل ما يتعلق  بالزراعة  ،  في حين إذا  وجه رأس المال إلى  الصناعة كالآلات  المصانع  و المواد الخام  و نصف كاملة الصناعة و المنشآت الصناعية فإننا  نكون  أمام  رأس مال صناعي  و قد  يكون  رأس المال  تجارياً  و ذلك  عندما  يوجه  للأعمال  التجارية  مثل  المحلات  و  المكاتب  و مباني  الشركات  مع  ملاحظة  الآتي :-
أ‌-       قد يكتسب رأس المال أكثر من صفة في نفس الوقت  فـقد  يكون  زراعياً وصناعياً  أو تجارياً حسب إستخدامه ، مثال ذلك وسائل  النقل التي  تستخدم لنقل  المحاصيل  ثم  تقوم  بنقل المواد  الأولية  للمصنع  ثم  تقوم  بنقل  البضائع أو السلع  من تاجـر  الجملة إلى تاجر التجزئة  .
ب‌-  يعتبرهذا التقسيم تقسيماً تحكمياً غيرثابت فطبيعة رأس المال تتغير حسب الإستخدام   و هذا الأخير قد يتغير في نفس اليوم  أكثر مرة .

4-    رأس مال خاص و رأس مال مقترض و رأس  مال عام  .
و المعيار المستخدم هنا  هو معيار " الملكية "فرأس المال  الخاص هو كل ما يملكه  المشروع الخاص من أموال و المخصص للإنتاج ، فتكون مملوكة للأفراد  و الشركات  -  وقد يحتاج المشروع الخاص لإستكمال إحتياجاته من رؤوس الأموال لكميات أموال اخري لعدم  كفايه الموجود  فيقوم بالإقتراض من الغير وهو ما يسمى برأس المال  المقترض  و قد  يكون  رأس المال  مملوكاً للدولة  أو للمجتمع  و هو  ما  يسمى  برأس  المال العام أو  رأس المال  الجماعي  ،  و تنشأ  الملكية  العامة  نتيجة  لعدد  من الأسباب :-

-         هناك بعض المشاريع التى  تحتاج  إلى  رأس مال  ضخم لا تكون في متناول  يد  الأفراد فتمتلك الدولة هذه  المشاريع  لقدرتها على تمويلها  و إدارتها كمشروعات  النقل مثلاً  .
-         ترتبط  الكثيرمن هذه المشروعات بالخدمات العامة و التى ترتبط إرتباطاً  مباشراً بإشباع  الحاجات العامة الأساسية فلا تترك للقطاع الخاصة سعياً من الدولة  لتوفير  هذه الخدمات بأسعار مناسبة و في متناول  طالبي الخدمة و غالباً ما يقوم القطاع  العام  بإحتكارهذا النوع  من الخدمات  كمشروعات الكهرباء و الماء  .
-         قد يعرض القطاع  الخاص عن  بعض  المشروعات لعدم  تحقيقها  للربح  السريع  و الحال أو لإنطوائها على مخاطر ومجازفات كبيرة لا يستطيع  القطاع الخاص  تحملها  .
-         تعلق بعض المشروعات بالأمن الغذائي والقومي للمجتمع فأتت الكثير من  التشريعات لتحظر دخول الأفراد  فيها و قد اشتملت دساتير  بعض الدول على  هذا  الحظر.([62] )

5-    رأس  المال وطني  ورأس مال أجنبي .
     يقسم  رأس  المال من  حيث  مصدره  إلى  رأس  مال  أجنبي  ورأس مال  وطني  أو محلي  و هنا  يجب  التفرقة  بين  رأس المال  الخاص  و  رأس المال  العام  .
فرأس المال  الخاص  و هو  ما يملكه  الأفراد أو الهيئات  الخاصة  فقد يكون  وطنياً إذا كان  مملوكاً  للمواطنيين و الهيئات  المحلية  أو الوطنية  و قد  يكون  أجنبياً  عندما  يملك  من  قبل  غير  المواطنين  والهيئات  الأجنبية  .
و رأس المال العام  يكون وطنياً عندما  تملكه  الدولة  أو الحكومة  و يكون  أجنبياً إذا  كان مملوكاً لحكومات الدول الأخرى  كالمشاريع  الإستثمارية  الأجنبية  داخل الدولة.

          تكويين راس المال
 رأس المال هو مجموعة  من الأموال  التي  سبق  إنتاجها  ، ولإيجاد  رأس  المال  يجب  القيام  بعملية خلقه  وهو ما يعرف  بتكوين  رأس المال  أو تراكمه ، و هذا يعني  توجيه جزء من المواد الإقتصادية أوعناصر الإنتاج  إلى خلق  أصول  إنتاجية  و رأسمالية  بدلاً من توجيهها إلى خلق سلع و خدمات  إستهلاكية  بعبارة أخرى الإمتناع  عن  إستهلاك  جزء من الأموال المنتجة  و تحويلها  إلى  أصول  رأسمالية .([63])
و تكوين رأس المال  يتم  من  خلال  عمليتيين  متلازمتين و متعامدتين وهما  الإدخار و الإستثمار  .

أولاً : الإدخـــار 
          وهو التضحية  بجزء من الدخل ، الذي  من الممكن أن يحصل عليه  الفرد وعدم  إنفاقة في الأغراض الإستهلاكية  و الإحتفاظ به  لإستغلاله  في مرحلة قادمة  في مجالات الإنتاج . و قد يعرفه  البعض بأنه  الإمتناع عن الإستهلاك في الحاضر و ما  يتبعة  من حرمان  وتضحية بجزء من الإشباع  فهو  ذلك  الجزء  من الدخل  الذي لا يستهلك  و لو  إستهلك  الأفراد  كل  دخولهم  لما وجد  رأس  المال . و الإدخار أما أن يكون  إختياريا  أو  إجبارياً . ([64] )



-         الإدخار الإختياري .
          الأصل أن يكون الإدخار إختيارياً ، فالأفراد يفاضلون  بين المنفعة الحاضرة  التى تعود عليهم من إنفاق كل دخولهم و بين المنفعة المستقبلية التى سوف  تعود عليهم  من إدخار جزء من  دخولهم  ، فإذا  كانت المنفعة  الحاضرة  أكبر من  منفعته  المستقبلية  إتجه الأفراد لإستهلاك كل دخولهم وعدم الإحتفاظ بها ، أما إذا كانت المنفعة المستقبلة  أكبر من المنفعة  الحالة فيميل الأفراد  في هذه  الحالة  إلى  الإدخار  .([65] )
 و هناك عوامل  عديدة  تؤثر في الإدخار الإختياري و لعل أهمها  :
1-     حجم  الدخل  .
2-    ميول الأفراد  و استعدادهم  .
3-    سعر الفائدة  .
4-    حجم  الإقتطاع  الضريبي  .
5-    درجة  تنظيم  الأسواق  المالية والنقدية  .
1-     حجم  الدخـــل 
كلما زاد مستوي دخل الفرد كلما أدي ذلك إلى  زيادة  الإدخار ، فإزدياد الدخل  يؤدي إلى زيادة  الإنفاق على الإستهلاك  و كذلك زيادة  المدخرات  في نفس الوقت . فأصحاب الدخول  المنخفضة  تكون قدرتهم على الإدخار محدودة و ذلك لتوجهه وحدات الدخل إلى  لإستهلاك  لإشباع  الحاجات  في حين أن يستطيع أصحاب الدخول المرتفعة توجيه  جزء من  دخلهم  للإدخار ، فهناك  علاقة  طردية  بين الدخل والإدخار فكلما زاد الدخل زاد معه الإدخار و كلما قل الدخل قل  معه الإدخار .
و لا يظهرالإدخار إلا إذا زاد حجم الدخل  الفردي عن حجم  الإستهلاك  الضروري  وهذا  الأخير  يتحدد بالعادات والنمط الإستهلاكي و التى تختلف  من  مجتمع  لآخر ( فالمجتمع الكويتي  يختلف  في إستهلاكه عن المجتمع  الهندي  مثلاً ) .

2-     ميول الأشخاص و إستعداداتهم .
و يعتبر هذا العامل  من العوامل الشخصية  المحددة  للإدخار فهى  تختلف  من شخص لآخر و من  مجتمع لآخر و قد تختلف في الشخص الواحد  من وقت  لآخر  وذلك  نتيجة  لإختلاف العادات و التقاليد  الشخصية و التى تعود  إلى الجنس والتعليم  والمعتقدات والدين والأخلاق  .وقد يرجع ذلك الي
 طبيعة البنيان الإنتاجي في المجتمع ( زراعي كان أم صناعي ) وطريقة توزيع الثروة و المستوى  المعيشي السائد  في المجتمع .([66] )
3-    سعر الفـائـدة 
 يقصد بسعرالفائدة  النسبة المئوية  التى تدفع  سنوياً مقابل إستخدام رأس  المال  .
و من الملاحظ أن سعر الفائدة يشجع الأفراد على الإدخار رغبة منهم  في الحصول علي  الزيادة في السعر و العكس صحيح . غيرأن هذا العامل بدأ يـفـقد أهميته و لم  يعد عاملاً فعالاً في  التأثير على الإدخار،  فالزيادة  البسيطة  في سعرالفائدة  لن تؤدي إلى  تغيير الناس لنمط  أو مستوى  معيشتهم  في حين  أن هذه  الزيادة  إذ ا كانت  كبيرة و ملموسة  فإنها من  الممكن أن تؤثر على  معدلات  الإدخار في المجتمعات  المختلفة .

4-     الإقتطاع الضريبي من دخول الأفراد 
الضريبة  هي  مبلغ  من النقود  تقتضيه الدولة من الممولين دون مقابل  فتؤدي الضريبة إلى تخفيض الدخول  النقدية والدخول الصافية للأفراد .([67] )
و كلما إرتفع  مستوى الإقتطاع  الضريبي كلما  أدي  ذلك إلى نقص الإدخار بشكل أكبر من النقص  الذي يمكن أن يحصل في الإستهلاك و هذا يعني أن الإدخار يكون أكثر مرونه من الإستهلاك بالنسبة لتغيرات الدخل ، فالضرائب تؤدي إلى إنخفاض  الدخول  النقدية  وبالتالي إلى إنخفاض  الإدخار الإختياري الفردي . ومن الممكن أن  تشكل  أداة من أدوات الإدخار الإجباري  وذلك  إذا  ما استخدمت  حصيلة  هذه  الضرائب  لتغطية  نفقات الدولة الإستثمارية لا النفقات  الإستهلاكية  و لذلك  فإن  الأثر السلبي ( النقصان)  الذي يمكن أن تحدثة الضرائب على الإدخار الإختياري  يمكن أن يعوض عن طريق الأثر الإيجابي ( الزيادة ) التى يمكن أن  تحدثه الضرائب على الإدخار الإجباري  في  حالة  إستخدام  حصيلة  الضرائب  في تمويل  إستثمارات  الدولة  .([68] )

5-    درجه تنظيم الأسواق الماليه والنقديه لعل وجود أسواق مالية و نقدية منظمة يستطيع  فيها  المدخر عرض  أمواله  بغرض  الإستثمار  عن طريق  شراء  الأوراق  المالية  ( الأسهم و السندات  ) للحصول على الفائدة هو  أحد العوامل  التى  تشجع على الإدخار .

·        الإدخار الجبري .
نتيجة  لتغير دور الدولة من دولة  حارسة الي دولة متدخلة في الحياة الإقتصادية  بغرض  تحقيق التوازن الإجتماعي والإقتصادي ظهرت أهمية الإدخارالجبري أو الإجباري لتمويل الإستثمارات  العامة .
و يقصد  بالإدخار الإجباري  ذلك الإدخار الذي  يفرض على الأفراد ولا يترك لمشيئتهم أو رغباتهم على شكل إقتطاعات خاصة من  دخول  الأفراد  والتى  تخصص  للمعاشات  و التأمينات  الإجتماعية  و القروض  الإجبارية  .

ثانيــاً : الإستثمار  .
لا يكفي تكوين مدخرات حتى تتم عملية  التراكم  أو التكوين  الرأسمالي  بل  يجب أن  تتجه  هذه المدخرات إلى بناء رأس مال جديد وهو ما يسمى بالإستثمار أما إذا وجه المدخـر  أمواله إلى الإستهلاك أو احتفـظ بما إدخره كإحتياطي للمستقبل فإن هذا الإدخار لا يؤدي إلى خلق و تكوين رؤوس أموال جديدة و إذا قامت الدولة بتوجيه حصيلة الإدخار الإجباري لشراء سلع  إستهلاكية  أو دفع  مرتبات  موظفيها  ( نفقات جارية )  فلا نكون أمام  خلق  لرؤوس أموال  جديدة  .



و يجب  أن نفرق  بين  إستثمار  النقود  و توظيفها  .
فالشخص الذي يشتري  أسهماً من إحدى الشركات الموجودة في البورصة فهو يقوم  بعملية  توظيف للنقود  الغرض منه  الحصول على دخل.  فلا يعتبر ذلك إستثماراً للنقود و ذلك  لأنه لا يؤدي إلى خلق رأس مال جديد .و إنما مجرد  حلوله  محل المالك  القديم  للأسهم  .

في حين  أن شراء أسهم  بإصدار جديد لإنشاء  مشروع  إنتاجي  يعتبر توظيفاً للنقود  من  جانب المدخر وهو في نفس الوقت عملية إستثمارية لأن قيمة الأسهم أو النقود المدفوعة  ستؤدي إلى  خلق  رأس مال  جديد  .([69] )
و يمكن  التمييز بين  نوعيين رئيسيين  من  الإستثمارات  :
1-     الإستثمارات التى تهدف إلى تكوين رؤوس أموال جديدة  مثل تشيد المباني و إقامة  العدد والآلات و السماح بزيادة المخزون من السلع مع  ملاحظة  أن نسبة الإنفاق  على المباني وعلى شراء العدد و الآلات  تكون  كبيرة  في حين  أن نسبة الإنفاق الموجه  لتكوين مخزون  السلع  قليلة  و ضعيفة  .
2-    النوع الثاني من الإستثمارات وهو الذي يهدف إلى المحافظة على تجديد رؤوس  الأموال  الثابتة  التى  يمتلكها  المجتمع  مما  يؤدي إلى  دوام  عنصر  رأس المال.

·        الإستثمار الخاص والإستثمارالعام  .
و الإستثمار قد يكون خاصاً و ذلك عندما يقوم به أى شخص من أشخاص القانون الخاص (  كالأفراد والمشروعات ) وقد  يكون عاماُ أى يقوم به  أحد  أفراد  القانون  العام  كالدولة  و الهيئات  الإقليمية  والمرفقية  ( البلديات ) والمؤسسات  العامة  .

رابعا-التنظيم L'Organisation
لا يمكن أن تلتقي عناصر الإنتاج  الثلاثة من عمل و رأس مال و طبيعة  بصورة  تلقائية  لتكون  مشروعاً أو وحدة  إنتاجية  بهدف  إنتاج  سلعة  أو  خدمة إلا  بوجود  المنظم  L ‘ Organisation   الذي  يلعب  دوراً أساسيا في  إنتاج  الثروة  و توزيعها  متحملاً  في مقابل  ذلك  مخاطر الإنتاج  .([70] )
و يعرف المنظم بأنه الشخص أو مجموعة من الأشخاص الذي يؤلف  بين عوامل الإنتاج  من عمل  أو موارد  طبيعية  و رأس  مال  في  شكل  علاقة  منظمة هي  عبارة  عن عملية  إنتاجية  محددة  ، حيث  يقرر الكمية التى ستستخدم  من كل عامل  منها و الطريقة التى سيستخدم بها  في  هذه  العملية .
و يقرر أيضاً  كمية و أنواع  المنتجات التى ستستخدم هذه العوامل من أجل إنتاجها و يتحمل  مخاطر العملية الإنتاجية  .([71] )
فشخصية المنظم و عمله  يفترضان  وجود الملكة  التنظيمية والقدرة على التنظيم  بإلإضافة إلى التجربة و التعليم والتدريب  .
·        وظائف  المنظم 
للمنظم و ظائف  عديدة  و كثيرة  نذكرمنها  ما يأتي  :
1-     يبدأ المشروع أو الوحدة الإنتاجية  بفكرة أو تصور في عقل  المنظم  حيث  يقوم  بإخراج  هذه  الفكرة إلى  حيز التنفيذ  .
2-    تحديد موقع  المشروع  و حجمة  وشكله القانوني  .
3-    تحديد نوع المنتج أوالمنتجات التى يمكن من خلالها  الحصول على أكبر عائد  من الربح .
4-    تحديد كمية  المنتج  والمنتجات وإعداد  جدول زمني لها  .
5-    تحديد الفنون الإنتاجية  المناسبة  والتى تحقق  ناتج  معين  بأقل  تكلفة .
6-    وضع  السياسة الإقتصادية  للمشروع  والإشراف على تنفيذها  تعديلها  أذا اقتضت الحاجة  .
7-    تطوير المنتجات لمواجهة  الحاجات  الجديدة والسعي لإشباعها  . ([72] )

هل  يعتبر  التنتظيم  عنصراً  من عناصر  العمل ؟
اعتبر البعض أن عنصر التنظيم هو أحد  أنواع العمل ولا يعدو أن يكون نوعاً متميزاً من العمل  مستندين بذلك  أن التنظيم ما هو إلا مجهود  إنساني يـقوم  به المنظم من أجل  الإنتاج ولا  يعتبر  عنصراً مستقلاً  من عناصر العملية  الإنتاجية  و يمكن  الرد على هذا الرأي  بالحجج التالية  :

1-     رغم تعدد وإختلاف القوى العاملة في المشروع إلا أن طبيعة عمل المنظم  تتصف  بصفات  خاصة لا تتوافر في أنواع  العمل الأخرى في المشروع  .

2-    ينطوي عمل المنظم على  مخاطرة  قد لا يتحملها  أى عامل في المشروع  فالعامل  يحصل  على أجره  المحدد  بعقد العمل سواء حقـق المشروع ربحاً أم لحقت به خسارة . و حتى لو حصل  المنظم  على عائداً  أو ربحا  فهذا  الربح  غير مضمون و لا يتصف  بالثبات  .
3-    يتحمل المنظم النفـقات التى يستلزمها الحصول على خدمات عوامل الإنتاج الأخرى و ذلك بأمل  الحصول على عائد نتيجة لبيعه للمنتجات التى يؤلف ما بين هذه العـوامل لإنتاجها  فالنـفـقات  محددة ومعروفة مقدماً في حين أن العائد الذي يأمل في الحصول  عليه  غير معروف ومؤكد  أى إحتمالي  .
فالدور الذي  يلعبه  المنظم  يعتبر  دوراً  متميزاً  عن العمل  كعنصر  من عناصر  الإنتاج  و لكن هذا  لا يمنعه من الإستعانة بذوي الخبرة من الفنيين  والإداريين والإقتصاديين مع  ترك  القرار النهائي  للمنظم  ليتخذه  و يتحمل  نتائجه .



[52]  -  السيد  عبد المولى  - أصـول  إقتصاد – دار الفكر  العربي   1977 ص  253 .
[53] - د. حازم  الببلاوي  المرجع  السابق  ص  203 و ما  بعدها  .
[54]  - السيد  عبد المولى  - المرجع  السابق  ص  254 .

[55]  - السيد  عبد المولى  المصدر  السابق   ص  262 .
[56]  - أنظر أحمد  جامع -  المصدر  السابق  ص  39 .
[57]  - وهذا  النوع  من الإستهلاك يتم  خصمه كتكاليف  دخل  من الدخل  الإجمالي  الذي يحصل  عليه المكلف أو دافع  الضريبة  للحصول  على الدخل  الصافي و هو الدخل  الذي  تفرض عليه  ضريبة  الدخل  في حال  فرضها  .

[58]  - السيد عبد  المولى – المصدر  السابق  ص  262

[59]  -عرف  البعض  رأس المال  في العرف القانوني بأنه مجموعة الحقوق التى  تكون  للشخص على مجموعة  من الأموال  كحق  الدائنية أو حق  الملكية أو حق  المساهم في  شركه  المساهمة فهو  يملك  جزءاً  من راس المال و جزءاً من  الأرباح و يسمح رأس المال القانوني لصاحبه بالحصول على  دخل  بدون  عمل   د . عبد  الحفيظ عيد – مبادئ  الإقتصاد  - الطبعة  الأولى  1993  ص 86 .

[60]  - السيد  عبد المولى  - المصدر  السابق  ص  263.
[61]  - د . محمد  خليل  برعي - مبادئ الإقتصاد - دار  زهراء  الشرق  1996 ص  57  و مابعدها  " وعند  حسابنا لرصيد  رأس  المال  في أى  وقت من الأوقات سواء  بالنسبة  لفرد  واحد  أو مؤسسة  و  بالنسبة  للمجتمع  ككل  فإنه تنشأ  مشكلة حسابيه و هى أن ذلك الخليط  غير متجانس  من الأشياء  يكون  فير  قابل  للجمع  في  صورته العينية  "
و لعل  الشكل  النقدي هو أنسب هذه  الصور إذا  يمكننا  أن  نعبر  عن أى  أصل  من  الأصول الرأسمالية   بقيمته  النقدية   من  ثمه  يمكننا  في  هذه  الحالة  أن  نجمع  الأصول المختلفة  مهما إختلفت  أشكالها  " . "  فعند  حساب  رأس المال  مؤسسة ما يمكننا  أن نقيم  ما  تتضمنه  المؤسسة  من  ديون  لدى الآخرين  بل يمكننا  أن نعطي  قيمته  نقدية  لبعض  العناصر المعنوية غير الملموسة  و ليس  لها  وجود  مادي  كإسم  المؤسسة  أو  شهرتها  "  . أنظر  في ذلك  المرجع السابق   د. محمد  خليل  برعي  ص  58 .

[62]  - نصت المادة 21 من الدستور الكويتي على أن  "  الثروات  الطبيعية  جميعها  و  مواردها  كافة  ملك  الدولة  ،  تقوم  على  حفظها  و حسن  إستغلالها  بمراعاة  ا/ن  الدولة  و  إقتصادها  الوطني  " المادة 11 من  الباب الأول  ( الدولة  )  في الدستور  البحريني  المادة  117 من الدستور  الأدرني  و المادة  11 من  الدستور  العماني  .
[63]  - د. محمد  خليل  برعي   - مبادئ إقتصاد   - المرجع السابق   ص  55 و ما بعدها  .

[64]  - السيد  عبد المولى  - أصول الإقتصاد – المرجع  السابق  ص  267 من أمثلة  الإدخار  الإخباري  ( التأمينات  الإجتماعية  ) . أنظر  أيضا   د. حمدين زهران " مشكلات  تمويل  التنمية  في البلاد  المتخلفة  القاهرة  1970 -  رسالة  دكتوراة ص  67 .

[65]  - د . زكريا محمد  بيومي  - مبادئ  الإقتصاد  - المصدر  السابق  ص  139.
[66]  - د . السيد  عبد  المولى – إصول  الإقتصاد – المرجع السابق  ص  276 .
[67]  - الدخل  الصافي  =  الدخل  الإجمالي  -  تكاليف  الدخل  .
       مقدار الضريبة  =  الدخل  الصافي  x  معدل  الضريبة الذي  تفرضه الدولة  .
[68]  - أنظر  السيد  عبد المولى  - أصول  افقتصاد  - المرجع  السابق  ص  280  الفقرة الأولى .
[69]  - د . زكريا بيومي  - مبادئ  الإقتصاد  -  الولاء  للطبع  والتوزيع   1994 ص 142 .

[70]  -  يرى صاحب  النظرية  الحديثة  في التنظيم  (  جوزيف  شومبيتر   Joseph  Shumpeter  ) أن  المنظم  يعتبر ألاساس  الذي  تقوم  عليه عملية  النمو الإقتصادي  فمهمته  لا  تقتصرفقط  على  التأليف  بين  عناصر  الإنتاج  بنسبة  معينة  بغرض  الحصول  على أكبر  ربح  ممكن  و لكنه  يبتكر  و يجدد و يحاول  التنبؤ بالظروف  المستقبلية  و يستعد  لها  فهو  يسعى  لإنتاج  مال  جديد و يحاول  تخفيض  تكاليف  الإنتاج  بشتي  الطرق  . أنظر  في ذلك  زكريا  بيومي  - مبادئ  الإقتصاد  -  المرجع  السابق   ص 144.
[71] - أحمد جامع  - النظرية  الإقتصادية  - المرجع  السابق  ص 42 .
[72]  - انظر د. حسين  عمر  -  مبادئ  علم الإقتصاد  - المرجع السابق  ص  83 .









































تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجزء الثاني من محاضرات مبادي اقتصاد

الجزء الرابع - نظرية القيمة و نظرية الإنتاج

الجزء التاسع الاسواق