الجزء الرابع - نظرية القيمة و نظرية الإنتاج

رابعـــاً: نظرية القيمة
       تلعب نظرية القيمة دوراً مهماً فى الفكرالإقتصادي ، التقليدي منه والحديث ، حتى أن كثيراً من الفقهاء  التقليدين عرفوا علم الإقتصاد " بعلم  الأثمان " .
فالفرد يستهلك أكثرمما ينتج  بعبارة أخرى أنه  يحتاج لما ينتجه غيره ليقوم بإشباع حاجاته المختلفة ، وسواء حصل على ما يحتاج إليه من " المبادلة  "  أو ما يسمي " بإقتصاد المقايضة ، أو إستخدم  النقود كوسيلة  لهذا  التبادل  فهو  في  حاجة  دائمة  لمعرفة  قيمة ما يحصل عليه حتى تتم عملية الوفاء بقيمة الشئ  سواء  كان هذا الوفاء مادياً أو نقدياً .
و لقد مرت نظرية القيمة بعدة مراحل فسر فيها الفقهاء الإقتصاديين " نظرية القيمة بأشكال مختلفة كل  حسب الأساس الذي أعتمد عليه في تفسيره .
لذلك سنقوم من خلال هذا الجزء بدراسة نظرية القيمة من خلال عنصرين :
الأول  :  مفهوم  القيمة  .
الثاني  :  النظريات  المفسرة  للقيمة .

v  العنصر الأول : مفهوم القيمة:

تختلف معاني القيمة حسب الزاوية التي ينظر إليها  للقيمة ، فهناك القيمة الأخلاقية ، القيمة الفنية ، القيمة  الإستعمالية ، و القيمة  التبادلية ،  فعندما  نتكلم عن تقييم الحرية  مثلاً فنحن نقصد بذلك  القيمة  الأخلاقية وعندما نقول أن هذا اللحن أو القطعة الموسيقية  لها قيمة  كبيرة  فهى تعبر عن الذوق  قبل أى  شئ  آخروهي القيمه الفنيه ، و قد تكون القيمة قيمة إستعمالية عندما نقول بأن الماء أو الشمس شئ مهم وقيم وضروري فى حياة  الإنسان  و هنا نتكلم عن المنفعة أى قيمة الإستخدام والاستعمال ، فهى هنا تشبع حاجة إنسانية معينة تختلف من  شخص لأخر ومن الممكن النظر للقيمة من زاوية التبادل فعندما نتكلم عن قيمة أو ثمن بيت أو سيارة  المقصود بالقيمة هنا هى قدرة الشئ على التبادل  بعدد من السلع والخدمات في حين يقصد بالثمن هو  معدل استبداله  بالنقود، أو مقدار ما يقابله من النقود ( مثال ذلك  شراء سلعة  أوخدمة  بـ  5 دنانير مثلاً ) وهي القيمه التبادليه[12].

          أما من الناحية الإقتصادية  فيمكن أن نصف القيمة  بأنها  القيمة  التبادلية أو الإستعمالية  للشئ .
و يمكن تعريف القيمة  بأنها  منفعة  الشئ  بالنسبة لمستخدمه ، أو قدرة هذا الشئ على إشباع حاجة  معينة أى المنافع الشخصية التى يقدمها هذا الشئ  للفرد ، فهى قيمة شخصية و ليست موضوعية وهو ما  يسمى  بقيمة الاستعمال  في حين أن قيمة  المبادلة هي قدرة الشئ على أن يتبادل بشئ آخر أى الأهمية التى يخلعها المجتمع على مال معين .
أ‌-مفهوم  قيمة الاستعمال :

و يمكن النظر لقيمة الاستعمال من زاويتين :-
                                                                                             
1-    زاوية الفرد أوالمستهلك  ، وهى الأهمية التى يضفيها الفرد على شئ  معين  عند  استعماله  و استخدامه  له ، أى منفعة الشئ بالنسبة لمن يستعمله  .

2-    زاوية الشئ  . أو المال بعينه وهى قدرة الشئ على إشباع حاجة إنسانية معينة ، بعبارة  أخرى  منفعة الشئ بالنسبة لمن يستعمله ، وتأتي قيمة الاستعمال من مجموعة صفات وخصائص  يتسم بها هذا الشئ محل الاستخدام أوالاستعمال والتى تجعله وحده دون غيره قادراً على إشباع حاجه معينة دون غيره من الأشياء ( قدرة  الماء على إشباع حاجة الشرب و قدرة الملابس على إشباع  حاجة الملبس لدى الإنسان  ).

و  تتصف  قيمة  الإستعمال  بالخصائص  التالية  :-
1-    قيمة الاستعمال قيمة شخصية وليست موضوعية فهى ناتجة عن الاستعمال الشخصي  وتتوقف على عدد من العوامل الشخصية ، مثل عادات الشخص وطباعة و ثقافته  و ظروفه و مدى أهمية  أو عدم أهمية  الشئ  له  ،  فما  يحققه  شئ ما من إشباع و  منفعة لشخص قد لا يحققه  لشخص آخر، و قد يكون هذا الشئ  مفيداً و نافعاً لشخص  معين في وقت ما ، وقد لا يكون كذلك في وقت آخر كحاجة استخدام  الدراجه الهوائيه للتنقل  .

2-    قيمة الاستعمال قيمة لا تبادلية  فليس من الضروري وجود سوق يتم  تبادل السلع  فيه، ولكنها من الممكن أن تتحقق فى حالة وجود  شخص  بمفرده  حتى في جزيرة بعيدة عن العمران .

3-    تتوافر القيمة  فى جميع  أنواع  الموارد  سواء  كانت  حرة  أو إقتصادية ، بمجرد  أنها تصلح  لإشباع  الحاجات الإنسانية .
ب-مفهوم  قيمة  المبادلة :
        قدرة الشئ على أن  يتبادل في مقابل شئ آخر وهي العلاقة الكمية التي  تتمثل  في  المعدل أو
  النسبة  التى  يتبادل  بها  شئ  له صفات  معينة  بشئ آخر  له صفات  مختلفة  .([13] )
-         وتمتاز قيمة المبادلة بالصفات التالية  :-

1-    إنها قيمة ذات طابع  إجتماعي موضوعي وهذا يعني إنها لا توجد إلا فى وجود الجماعة  بعبارة أخرى لا يمكن تصورها بوجود الإنسان منفرداً أو منعزلاً عن الجماعة . وهذا يستوجب وجود أنواع عديدة من  السوق.
2-    قيمة ذات طابع  تبادلي وهوما يحدث عندما يشبع الأفراد حاجاتهم من خلال القيام  بعمليات التبادل وذلك يتم بتنازل الفرد أو الأفراد عن جزء مما يملكون في مقابل حصولهم على ما يحتاجون إليه  لإشباع  حاجاتهم من أشياء وموارد  يملكها  غيرهم ولا يتم  ذلك إلا في وجود السوق .
3-    من السهل تصور قيمة الاستعمال في الأموال والموارد الحرة أوالإقتصادية بوصفها أشياء مادية تصلح  لإشباع الحاجات بمختلف أنواعها ولكن هذا لا يتحقق في قيمة المبادلة إلابالنسيه للأموال الإقتصادية لكونها  تمتاز بالندرة النسبية أى أنها نادرة و محدودة  بالنسبة  للحاجات  التي  تصلح  لإشباعها  ، فتكون  محلاً للمبادلة  والتبادل بين أفراد الجماعة  .



هل  هناك علاقة بين قيمة التبادل و قيمة الاستعمال ؟ 
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نوضح  الأمور التالية  :-
1-    تقوم  فكرة  قيمة الاستعمال  على أساس المنفعة   فالمال أو  المورد لا يكون  ذو  قيمة  أن لم يكن نافعاً . و مع  ذلك فالمنفعة  وحدها  لا تكفي للقول  بأن  للمال  قيمة  تبادلية .

يجب  أن يكون  المال نافعاً  و نادراً  بالنسبة  للحاجات  التى يشبعها  . حتى  نكون أمام  قيمة تبادلية  . أما  إذا  كان  الشئ  نافعاً دون أن يكون نادرا  فهو  من الأموال  الحرة  التى لا يكون  لها قيمة  تبادلية فقيمة الاستعمال  مرتبطة  بفكرة  المنفعة  فى حين  أن قيمة  التبادل  توجب  توافر  عنصر  المنفعة  والندرة .
2-    الاستعمال والتبادل هما  أساس  فكرة  القيمة ،  فالمنفعة  تعبر عن قيمة  الاستعمال  و هو "  الطلب  " و الندرة النسبية  تعبرعن  فكرة المبادلة  و" هى  العرض "  . [14]

3-    لاحظ  آدم سميث في كتابه  ثروة  الأمم ، أن قيمة الاستعمال  للسلعة أو الخدمة ليست  دليلاً  أو  مؤشراً لقيمة المبادلة وضرب مثله المعروف للماء والألماس في إطار ما أسماه باالغز أو  تناقض القيمة  Paradoxe  de  l’eau  et du  diamant  فالماء  ذو قيمة إستعمالية  عالية و ذو نفع  كبير للإنسان إلا أن قيمته  التبادلية  ضئيلة نظراً لإنخفاض  ثمنه في حين أن  الألماس ذو قيمة إستعمالية منخفضة و ذو نفع  قليل و لكن  ثمنه  باهظ  لتكلفتة العالية ويمكن تفسير ذلك في صفة الندرة التى يتميز بها الألماس كمورد إقتصادي ولا يتصف بها الماء  كمورد حر.([15])

القيمة والثمن 
          قبل التطرق  للقيمة والثمن والفرق بينهما  يجب  تحديد  أن  القيمة التى  يهتم  بها علم الإقتصاد هى  قيمة  المبادلة و ليست قيمة الاستعمال .
          في أي علاقة  تبادلية  توجد كميات متبادلة بين شيئين مختلفين ، مثال ذلك عندما يتم  التبادل بين الذهب والفضة يجب  تحديد  نسبة  المبادلة  بين السلعتين ، فجرام  واحد  من الذهب  يعادل  12 جرام  من الفضة مثلاً .
          و عند إستخدام النقود كوسيلة  للتبادل يتم تقسيم عملية التبادل إلى عمليتين :
الأولي للبيع  في مقابل الحصول على  النقود و الثانية . للشـراء  في مقابل دفع النقود ، و هذا يعني  أن  قيمة أى شئ  تتحدد من خلال علاقته بالنقود و ليست علاقته  بشئ  آخر يمكن مبادلته به وهو ما يفرق  بين  إقتصاد المقايضة في المجتمعات القديمة والإقتصاد النقدي في المجتمعات الحديثه ، فالنقود أداة القياس الأولى لتحديد  قيم  للموارد  و الإشياء في الإقتصاديات الحديثة ، ولكل  شئ  قابل  للمبادلة بشئ  آخر مبلغ نقدي يعبر عن قيمته و هذا  المبلغ يسمى " بالثمن " و نستطيع التعبير عن ذلك بالقول بأن ثمن جرام  الذهب هو  اثني عشر دينارا. مع الوضع في  الإعتبار أن النسبه  بين ثمن  شيئين  مختلفين  على عكس النسبة بين كميتين  متبادلتين  .
          فمن الممكن أن ترتفع أو تنخفض الأثمان كلها في نفس الوقت نتيجة لإرتفاع أو إنخفاض القوى  الشرائية وهذا لا يتحقق بالنسبة لقيمة المبادلة فمن الصعب تصور إرتفاع أو إنخفاض قيمة المبادلة لجميع  الأشياء أو الموارد في نفس الوقت . لأن إرتفاع قيمة مبادلة  شئ  بشئ  آخر  يعني  إنخفاض  قيمة  مبادلة  الشئ  الأخير  بالشئ  الأول  و هذا  أمر منطفي  .([16])

v    النظريات المفسرة للقيمة 
هناك عدة نظريات مفسرة  للقيمة -  فمنهم  من فسرها  بنفقة الإنتاج وهناك  فسرها بالمنفعة  و منهم  جمع
فى تفسيرها  بين النفقة و المنفعة .

خامساً  نظرية الإنتاج
           يعتبر  الفيـزوكرات ( Phiysiocrats ) أو الطبيعيون و هم أول من إهتم بمشكلة  الإنتاج  وأول من وضع نظرية متكاملة له ، أن النشاط الزراعي أو الأرض هو النشاط الوحيد المنتج بعبارة أخرى أن  الزراعة هى وحدها المنتجة و أن الأنشطة الأخرى هى أنشطة  عقيمة  . ([17])
           في حين اعتبر التقليديون أن العمل الإنساني هوالعنصرالإنتاجي الأصيل أوالأنشطة الإنسانية جميعها  أنشطة  إنتاجية  وأسسوا النظام الإنتاجي على التخصص و تقسيم  العمل  .
و رأى " ماركس  " أن  الإنتاج  يعكس طبيعة  النظام  الإقتصادي ،  فطريقة الإنتاج المادي تحدد نمط  الحياة و التخصيص و تقسيم  العمل و توزيع الدخل وتنظيم  العلاقات الإجتماعية و يختص كل مجتمع  بطريقة  إنتاج لا تتوافر لغيره  .
في حين إعتبر " ساي : أن الإنتاج هو خلق " المنافع  " وليس المادة ، أى زيادة  قدرة الأشياء على إشباع  الحاجات و كل عمل  يؤدي إلى هذا  الهدف يعتبر إنتاجاً .
فالثروة  بالنسبة  " لساي :  تشمل  الأموال  المادية  و الاموال  غير  المادية  أو ما يطلق عليه الخدمات و توسع " ساي :  نتيجة لذلك  في معنى العمل المنتج  فأصبح يشمل كل عمل يؤدي إلى خلق  المنفعة  سواء  كان  مادياً  أو على  شكل خدمات  ( غير مادي ) .
في حين عرض آدم  سميث لنظرية الأنتاج من زاوية آخري  فالعمل  الإنساني  بالنسبة له هوالعنصر  الإنتاجي الأصيل واعتبر مجالات العمل مثل الصناعة والتجارة والنقل  أنشطة  إنتاجية  كما أسس النظام  الإنتاجي على التخصيص و تقسميم العمل ( المدرسة التقليدية ) .([18] )

        و اعتبر جوزيف شومبترعالم الإقتصاد النمساوي  أن نظرية الإنتاج تقوم على فكرة التنظيم كأساس  للاداء و زيادة معدلات الكفاءة الإنتاجية  فدورالمنظم  الفرد أو المشروع  يقوم على التجميع والتوفيق  بين عناصر الإنتاج  حتى  يحصل  على  الربح . ([19])

-        ماهية  و أهمية  الإنتاج 
الإنتاج  :  هوالجهد الإنساني المبذول لتحويل  الموارد من صورتها البدائية أو الأولية  إلى صورة أكثر منفعة  ما يجعلها  أقدر  على إشباع  الحاجات  .
و يتضمن هذا التعريف عدة  معاني  للإنتاج فقد  يكون الإنتاج فنيا او إقتصادياً او إجتماعياً او محاسبياً ([20])  و سنتطرق لكل واحد منهم  .

1-   الإنتاج من الناحية الفنية  .
     و المقصود  بذلك العملية أو العمليات التي تؤدي إلى تحويل الموارد الأولية إلى موارد  صالحة  و ملائمة لإشباع  الحاجات الإنسانية وعملية التحويل هذه تعنى أن هناك بعض السلع و الخدمات تتكامل فيما بينها وتندمج في عملية معينة  فتفقد خصائصها وتنتهي لتكون اسلع انتاجيه اواستهلاكيه جديده و قد تكتسب بعض  السلع  و الخدمات  خصائص  جديدة  نتيجة  للعمليات  السابقة .
فالسلع والخدمات الاولي تسمي عناصر الإنتاج او "المدخلات" والسلع والخدمات الثانيه تسمي المنتجات  او  "المخرجات " اما عمليات التحويل  و التوفيق  و الدمج فتسمى " بفنون الإنتاج " فالمحصول الزراعي هو الناتج والبذور والأسمدة والعمل و الأرض والآلات هى عناصر الإنتاج و الخبرات الفنية الزراعية وعلوم الزراعه تمثل"فنون الإنتاج" . والتغييرقد يكون  ماديا مثال ذلك انتاج  السلع الانتاجيه او الاستهلاكيه في الإنتاج الزراعي او الصناعي.
وقد يكون الانتاج مجرد التغيير في المكان  دون  تغيير في الخصائص للسلع  والخدمات  كالنقل أو الحفظ أوالتوزيع  ويتم  ذلك عند  نقل المحصول أو الأنتاج الزراعي أو الحيواني من مكان إلى  آخر( التحويل  بالنقل ) مما يزيد في منفعتها و يزيد من فعاليتها في إشباع  الحاجات  الإنسانية مثال ذلك نقل الأضحيات في فترة الحج من المملكة العربيه السعودية إلى القارة الأفريقية  لإستهلاكها وتغطيه النقص في المواد الغذائيه وخاصه في الدول الفقيره. وقد يتعدي هذا  التحويل الي الزمان والمكان دون التغيير في الشكل المادي أيضا كما في النشاط التجاري مثال ذلك خدمات التامين والسياحه مع الوضع في الاعتبار ان بعض النظريات الاقتصاديه لا تعتبر من قبيل الإنتاج سوي الشكل المادي او الإنتاج المادي[21].

و الإنتاج بالمعنى الفني لا يهتم بالقيمة أو المنفعة في علاقتها بالناتج ،  فإذا فقد الناتج قيمته  في السوق فهذا لا يعني إنتهاء الإنتاج من الناحية الفنية مع الوضع في الإعتبارأن عمليات التحويل  هذه  تتلائم أو لا تتلائم مع الصفة أو المبادئ الأخلاقية والدينية كما هو الحال بالنسبة لصناعة الأسلحة و السجائر و المخدرات.([22])
2-    الانتاج  من  الناحية  الإقتصادية

     الإنتاج بالمعنى الفنى لا ينصرف إلى قيمة الناتج  فالامر يختلف من وجه النظر الاقتصاديه فالقيمه هي التعبير المباشرعن  التقدير الإقتصادي ، والعلاقات الفنية للإنتاج تخضع بالضرورة لإعتبارات الأثمان وظروف  السوق و هذا يعني أن تفضيل منتج  لفن إنتاجي بذاته دون غيره  يتوقف على المقارنة  النسبية  لأثمان عناصر الإنتاج ( كإنتاج الكهرباء من الفحم والبترول وتحوله إلى الطاقة الشمسية ) فالكثيرمن الإختراعات لا تجد  مجالاً للتطبيق أو التوسع إلا إذا توافرات لها الظروف والشروط  الإقتصادية الملائمة من  حيث  توافر الطلب و تناسب الأسعار والنفقات في ظل  ظروف زمانية ومكانية مناسبة  .
و تفسيرذلك يعود إلى نظرية الإنتاج في الإقتصاد الرأسمالي الخاص، فالهدف من عملية  التحويل هوتحقيق الحد الأقصي من الأرباح وهذا يعني بذل أقل النفقات لتحقيق أعلى الإيرادات  فالعمليات الفنية في الإقتصاد الخاص تصبح تابعة  للمعايير الإقتصادية  من خلال  شبكة  من العمليات المتداخلة .وهذايعني ان المنتج يواجه مشكله اختيار الحجم الأمثل للإنتاج واضعا امام عينه تحقيق هدف أساسي وهو تحقيق الربح بما يتلائم مع الطلب الإنساني وما يغطيه من قوي شرائيه . ثم يدخل في مرحله اختيار عناصر الإنتاج الأكثر ملائمه له من ناحيه التكاليف والنفقات والمرحله التي تلي ذلك هي مرحله تحديد المعادله الفنيه  التي تستلزم اقل قدر من عناصر الإنتاج من الناحيه الفنيه والقيميه وفي المرحله القبل الاخيره يتم تحديد الحجم الأمثل من الاستثمار الطبيعي او راس المال وفي المرحله الاخيره يتم تسويق الإنتاج فكل هذه المراحل تدور في اطارالهدف من النشاط الإنتاجي وهو تحقيق اكبر قدر ممكن من الربح. ( [23])
3-  الإنتاج من الناحية  الإجتماعية  .
المقصود بالإنتاج من الناحية الإجتماعية هو نشاط الإنسان لتحويل  قوى الطبيعة من صورة  أولية غير  قابلة  للإشباع  إلى صورة  نهائية  يمكن أن تحقق الإشباع  .
و تنتهي إلى علاقات تعاون أوصراع  بين الإنسان والأنسان لتوزيع ثمرات النمو مما يؤدي إلى  عدم القدرة على الفصل بين عملية  الإنتاج  ذاتها  و بين العمل الإنساني اي لا يمكن الفصل  بين  الإنتاج و قوى الإنتاج  من آلات  أو  إختراعات  أو مواد  أولية  أوعمل مباشر  .

تلك القوى التى يمتلكها المجتمع و يستخدمها للتأثير على الطبيعة وفي عملية التفاعل الإجتماعي  هذه تظهر قواعد التخصيص و تقسيم العمل والتوزيع الوظيفي والعلاقة بين الإنسان والآلة و الإنسان و البيئة كما تعرض مشاكل البطالة و التشغيل وتوزيع الدخل الإجتماعي ومشاكل الجودة ، وعلى عكس الإنتاج  الخاص الذي يقوم على دوافع الربحية والأثمان الإقتصادية فالإنتاج الإجتماعي  يقوم على قواعد إشباع الحاجات الإجتماعية والعامة وعدالة هذا الإشباع  .

4-    الانتاج بالمعنى المحاسبي القومي  .
ينصرف الإنتاج بهذا المعنى إلى إحصاء السلع والخدمات الجديدة أى الناتج بعبارة أخرى إضافة هامش جديد أو ما يسمى بالقيمة المضافة و هذا لا يتم في لحظة و إنما  يحتاج  إلى  فترة  زمنية تجري  خلالها عمليات التحويل أو الإنتاج فالكميات الإقتصادية لا تعرف إلا من خلال  فترة  زمنية محددة وفهم النشاط الإقتصادي يتطلب معرفة دورة الإنتاج والتوزيع في  المجتمع و التى تتحلل إلى ثلاث كميات إقتصادية  اسـاسية هى الناتج القومي والدخل القومي  والإنفاق القومي  .

اولاً :  الناتج  القومي :

     هو مجموع ما أنتج  في الإقتصاد من سلع وخدمات  خلال مدة معينة و ويشمل ذلك السلع المادية وغيرالمادية والتي يتم تقديرها من خلال مرورها بالسوق مع إستبعاد غير ذلك كخدمات ربات  البيوت مثلاً وقد يثور  الخلاف  حول  تضمين  الخدمات  التى  تؤديها  الحكومة  للأفراد مجاناً  او بمقابل لا يتناسب مع منفعتها كخدمات  التعليم  أو الصحة أو الطرق أو حتى الدفاع  والأمن  فليس  لهذه  الخدمات  ثمن  في السوق وحتي في حاله اقتضاء الدوله رسوم عليها الا ان هذه الرسوم لاتتناسب مع النفقه  التي تكدبتها الدوله في سبيل توفير هذه الخدمات والمنفعه التي حصل عليها الافراد وغالبا ماتقوم الدوله بتمويل هذه الخدمات عن طريق الإيرادات السياديه كالضرائب مثلا لذلك يرى الغالب إدخال هذه الخدمات في الناتج القومي وتقديرها بحسب النفقات التى  تكلفتها  الدولة في سبيل  توفيرها في شكل أجور و مرتبات  .
ثانياً  :  الدخل  القومي 
       و هوالعنصر الثاني الذي يكون الكميات الإقتصادية بالإضافة إلى العنصر الأول ( الناتج القومي )  الذي  يقوم على فكرة  القيمة المضافة ،  ويقوم عنصر الدخل القومي علي أساس معيار الدخل أو الإنفاق  و الذي يوزع على عناصر الإنتاج المشاركة  فيه و هو الذي يؤدي إلى ظهور الناتج . والأصل أن  يتساوى الدخل القومي مع  الناتج القومي مقدراً بتكلفه  أو ثمن  عناصر  الإنتاج  و لكن  قد يحدث  إختلاف  نتيجة لتدخل  الدولة  بفرض  ضرائب غير  مباشرة  أومنح  إعانات للأنتاج .([24])

ثالثاً : الإنفاق القومي .

و هو أحد عناصر الكميات الإقتصادية و الحلقة الثالثة منه  فالناتج  القومي هو مجموع السلع و الخدمات  المنتجة في فترة معينة  يترتب على هذا الإنتاج توزيع الدخول على عناصر الإنتاج التى شاركت فيه  و هو ما يسمي  بالدخل  القومي  و لما  كان الدخل  ينفق و يبذل للحصول على الناتج القومي فاننا نستطيع ان نحصل علي مانسميه بالانفاق القومي  إذا نظرنا من زاوية الإنفاق للدخل القومي  أو الإستخدام  للناتج  القومي  فالدخل  القومي ينفق للحصول على الناتج  القومي  فهو يمثل  العلاقة  بينهما ،  و يتكون الإنفاق  القومي من  الإستهلاك و الإستثمار وذلك  حسب الزاوية التي يوجه  لها  الإنفاق  فإذا  وجه  للإستهلاك بعبارة  أخرى  لإشباع  الحاجات  الإنسانية  كنا  أمام  إنتاج  إستهلاكي  أو  إنتاج  سلبي  .
 و أن  وجه  إلى  الإستثمار  سمي  بالإنتاج  الإستثماري  و هو ما يضاف  لثروة الدولة  الإنتاجية  لكي  يستخدم  في  المستقبل  أو ما  يطلق  عليه  تجديد  الإنتاج  . ([25])


عناصر  الإنتاج
       الهدف من الإنتاج هو إشباع  الحاجات الإنسانية و ذلك عن  طريق إحداث تحويلات على المدخلات  للحصول على الناتج وهذه  المدخلات هي  ما يسمى  بلغة الإقتصاديين  بعناصر  الإنتاج .
       اختلف الإقتصاديين في تقسيم عناصر الإنتاج  فمنهم  من قسمها  إلى ثلاثة  أقسام وهم :
-          الموارد  البشرية .
-           و الموارد  الطبيعية .
-          و الموارد  المصنوعة 
وقد  أضاف الفريد مارشال إلى هذه العناصرعنصراً آخرو هو التنظيم والبعض يرى أن تقسم عناصر  الإنتاج  إلى عنصرين فقط وهما العمل و رأسمال في حين قسم الماركسيين عناصر الإإنتاج  إلى عنصر  العمل وعنصر الطبيعة  .
و رغم هذا الإختلاف في التقسيم ،  بين الفقهاء فسنحاول من خلال خطه مدرسيه ان نعرض  لموضوع الإنتاج من خلال أربعة عناصر هي ( الموارد  الطبيعية  -  العمل  -  رأسمال  - والتنظيم ).

أولا  : الموارد الطبيعية  Les ressources naturelles
       و قد يسميها  البعض بالأرض ، و هى عنصر من عناصر الإنتاج والمقصود بها كل ما وهبته  الطبيعة للإنسان دون تدخل سابق أو لاحق  لليد الإنسانية . و يستخدم الإنسان هذه الموارد في إنتاج  السلع  والخدمات لإشباع حاجاته المتنوعة  مثال  ذلك  الأرض ، المناجم ،  المحاجر، الدراكيل ، الغابات  الشلالات، و الثروات الطبيعية  كالفحم  و البترول  و المعادن المختلفة  .
وحتى  يمكن  إعتبار  هذه الموارد الطبيعية  من  الموارد  الإقتصادية  يجب توافر  شروط .

1-    قدرتها على المساهمة في إنتاج السلع  و الخدمات  .
2-    أن يكون لها ثمن في السوق  وعلى ذلك  يجب  إستبعاد  الموارد الطبيعية  "  كأحد  عناصر  الإنتاج  مثل  الشمس و الهواء  "  و ذلك  للأسباب  التالية  :

( أ )  توفر هذه  الموارد فهى لا تخضع  لمبدأ " الندرة  النسبية " .
(ب)  ليست محل ملكية  فلا نستطيع  إمتلاك الشمس أو الهواء مثلاً .
(جـ) لا يمكن السيطرة عليها بإعتبارها عنصرمن عناصر الطبيعة التي لا يتحكم بها الإنسان .

مثال  ذلك ذلك الظواهر الطبيعية كالزلازل و الفيضانات و الأعاصير و البراكيين فهى لا  تعتبر أحد الموارد  الطببيعية المساهمة بالإنتاج  بل على العكس ثماماً من الممكن أن تضر  بالإنتاج  وتعرض للخسارة  .
-         و يمكن تقسيم  الموارد الطبيعية  لعدة  أقسام :
1-     المواد  الأولية  .
2-    القوى  المحركة  .
3-    الأرض .

1-   المواد الأولية 
    وهي الموارد التي تقدمها الطبيعية للإنسان دون أن يساهم في خلقها أو وجودها ولا تصلح  للإستهلاك مباشرة إلا بعد القيام ببعض العمليات  التحويلية  لتصبح هذه  الموارد صالحة للإستهلاك  و لإشباع الحاجات وتمتد يد الإنسان للحصول على هذه الموارد لجمعها وإستخراجها و فصلها حتى  يتسنى له إستهلاكها مثال  ذلك الثروات الحيوانية والنباتية و المعدنية في جوف الأرض و البحار و الأنهار و الغابات والأشجار  .......  إلخ .

2-   مصارد الطاقة  (  القوى  المحركه )
    وتعتبرالقوى المحركة أو قوة الطاقة أحدى الموارد  الطبيعية  التى تساهم  في عملية الإنتاج و تنقسم  إلى مصادر متجددة  مثل الطاقة الشمسية التى نستخدم لتوليد الكهرباء وقوى إندفاع المياه في الشلالات  و الأنهار و البحار (  طاقة المد و الجزر والطاقة القمرية الناتجة عن جاذبية القمروالشمس و دوران  الأرض حول محورها) وقوى الرياح والتى  تساهم  في  تسيير السفن و مولدات  التوربينات الهوائية  و الطاقة الحرارية الجوفية المختزنة في الصخور المنصهرة في باطن الأرض التى تستخدم  في  توليد  الكهرباء و النوع الثاني هى  المصادر الغيرمتجدده  كالمصادر الاحفوريه مثل  البترول و الفحم   .

3-    الأرض   
وهو أحد أهم  العناص  الطبيعية التي لا دخل للإنسان في ايجادها ،  و خاصة  فيما يتعلق  بالإنتاج الزراعي وقد  تستخدم الأرض  استخدامات أخرى كإنشاء مصنع أو سكن أو إنشاء  وسائل  النقل عليها كالطرق و الشوارع وسكك الحديد و المترو أوإستخدام للنقل الدولي كالمطارات  و المواني  و قد  تكون هذه  الأرض  مصدراً للمعادن  والثروات  الطبيعية  .
·       خصائص  الموارد  الطبيعية
للموارد الطبيعية  عدة خصائص  بإعتبارها  أحد  عناصر  الإنتاج  و من  هذه  الخصائص  :
1-    الثبات  النسبي  .
2-    عدم  تجانس  الموارد  الطبيعية  .
3-    التوزيع غير  المتكافئ  للموارد  الطبيعية .

1-    الثبات  النسبي  للموارد  الطببيعية  .

            عناصرالطبيعة كم ثابت لا يتغير[26]، وإن  تغيرت أو إختلفت في كمياتها الموجودة ، فالتغيير الكمي  يكون بسيطاً لا يذكر هذا من ناحية من ناحية  أخرى تحتاج الموارد  الطبيعيه وخاصه المعدنية  منها إلى فترات  زمنية  طويلة  يمكن  تقديرها  بآلاف السنين  تتعدى عمر الإنسان  لتكوينها.مثال ذلك تكون البترول أو النفط والفحم  في باطن الأرض . مع  الوضع في الإعتبارأن هذه الموارد قد  تتعرض لعمليات تحويلية من قبل الطبيعة أوالإنسان . فالبترول أساسه بقايا عضوية  و الفحم  أساسه  الأشجار و الغابات  حيث  تحولت  هذه  المواد إلى مواد  مختلفة  تختلف في خصائصها نتيجة  لتفاعلات  حدثت  في الطبيعة ، وقد  تكون  هذه  التحويلات  نتيجة  لفعل الإنسان  حيث  يقوم  بتحويلها عن طريق الإنتاج  إلى وسائل وموارد إقتصادية  صالحة  للإستهلاك و لإشباع  الحاجات الإنسانية وقد  يترتب على إنتاج وإستهلاك هذه  الموارد أيضا تحولها  لصورة أخرى أو مواد اخرى قد تسبب  ضرراً للطبيعة  و تلوثاً للبيئة  و التعامل  مع  هذه  البقايا والمواد  يختلف من  مجتمع لآخر حسب درجه التقدم  و التطور في هذه  المجتمعات بإعتبارها  تحتاج  لرؤس أموال وتكنولوجيا متقدمة مثال ذلك ( تدوير  المخلفات العضوية  والبلاستيكية ) و قد يؤدي  ذلك إلى خلق مصادر جديدة  للدخل  .
و قد تكون هذه المصادر أو الموارد  محل  ملكية سواء  من قبل  الدولة أو من قبل الأفراد  مع الوضع  في  الإعتبار أن الدولة  بمختلف  مؤسساتها  تسعى  لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع في حين أن  الفرد  عند ممارسته  لنشاطه  الخاص  يسعى  لتحقيق الربح و تكويين أكبر قدر ممكن  من الدخل بإستخدام  الوسائل  الحديثة  والإختراعات والتطور التكنولوجي .
2-    عدم  تجانس الموارد  الطبيعية  .
            تعتبر صفة عدم تجانس الموارد الطبيعية أمراً منطقياً فالموارد الطبيعية تختلف عن بعضها  البعض فهى تختلف حسب الظروف المناخية  والظروف الجغرافية بالإضافة إلى طبيعة الأرض ،  فلو  أخدنا مثال الأرض الزراعية و ما يترتب عليها من إنتاج زراعي فنجد أن هناك إختلافاً في طبيعه وانتاجيه هذه الأراضي بالنظر لمعيار الخصوبه   فهناك أرض متوسطة الخصوبة و هناك أخرى عالية أو شديدة الخصوبة  و لأرض ضعيفة الخصوبة  . فالنوع  الأول أرض متوسطة  الخصوبة  تتساوى  فيه  قيمة  ناتجها مع تكاليف الإنتاج  فلا ريع  ولا فائض وهى " الأرض الحدية "
و النوع  الثاني  الأرض  العالية  أو شديدة  الخصوبة  فهي  التى  تزيد  قيمة  ناتجها  على تكاليف  و مصاريف الأنتاج  فيكون هناك فائض وربح وتسمى  بالأرض  " فوق  الحد  " 
أما النوع  الثالث   فهى الأرض ضعيفة  الخصوبة  حيث  تقل قيمة ناتجها عن تكاليف  إنتاجها  ،  إن  كانت  تصلح للزراعة و لكنها لا تصلح لإستغلالها إقتصادياً . فتكاليف  ومصاريف الإنتاج  تزيد  عن  ما تنتجه الأرض من غلة وتسمى هذه  الأرض  بالأرض  " تحت  الحد [27] و هو ما  يوضحه  الجدول  .
جدول  أنواع  الأراضي  الزراعية  بالقياس  بدرجة الخصوبة 

نوع  الأرض
تكاليف  الإنتاج
قيمة  الإنتاج
ريع أو فائض الأرض
مسماها

الأرض  متوسطة  الخصوبة
1
1
صفر
الأرض الحدية

الأرض  شديدة  الخصوبة
1
2
( 1 )  ربح
الأرض فوق  الحدية

الأرض  ضعيفة  أو قليلة الخصوبة
2
1
( -1 )  خسارة
الأرض تحت الحدية

-         و يمتد عنصر عدم  التجانس للموارد الطبيعية الأخرى كالنفط  مثلاً فتختلف أنواعه  حسب كثافته  فيوجد الخفيف والمتوسط والثقيل ،  ويوجد الحلو أو المسكر و هو النفط قليل الكبريت و يوجد  النفط  المر  مما  يعني وجود كميات كبيرة من الكبريت و هناك  النفط  الصخري  و النفط  العادي.
و قد تختلف  الغابات  بإختلاف أنواع  الأشجار حسب  المناخ  فأشجار المناطق  الباردة ليست كأشجار  المناطق الحارة  .



3-     التوزيع  غير  المتكافئ  للموارد  الطبيعية :
            إنتشار الموارد الطبيعية على الكرة الأرضية يؤدي إلى إختلاف هذه الموارد من منطقة  لأخرى نتيجة  للإختلافات المناخية و التضاريسية  و الجغرافية  التى تميز كل  إقليم عن غيره من  الأقاليم . فوجود نهرالنيل في مصر منحها أرض خصبة  صالحة  للزراعة  وهو ما لا نراه  متوافراً في  دولة الكويت ذات البيئة الصحراوية و لكنها غنية  بالثروة النفطية ، في حين  تعتبر أفغانستان من الدول الغنية  بمعدن الليثيوم  المستخدم  في صناعة  البطاريات للهواتف  أ الكمبيوترات النقالة  .
ووجود هذه الموارد الطبيعية في أى دول  لا يكفي  لإعتبارهذه  الدول من الدول الغنية بل يجب أن يقترن ذلك  بالعمل للوصول إلي  الإستغلال الأكمل لهذه الثروات  .لضعف  إستغلال هذ  الموارد  بشكل  يدعم  إقتصاد هذه الدول مثل  دولة  موزمبيق  الأفريقية  الغنية  بالبترول  و الفحم و الغازالطبيعي و القوى المحركة .
  و يؤدي  الأختلاف  في توزيع  الموارد الطبيعية  إلى ظهور  أمرين  :
1-     التخصص  .
2-    التبادل  .
1-     فالتفاوت في توزيع الموارد الطبيعية  يؤدي إلى ظهور ما  يعرف "  بالتخصص "  فهناك دول  وأقاليم  تمتلك جزءاً كبيراً من الموارد الطبيعية دون غيرها من الدول  كالغاز الطبيعي فى قطر ، و  الكافيار فى روسيا  و إيران و الدول المطلة على بحر قزوين والفواجرا  Foiegras في فرنسا  حيث  تنتج  ما يعادل   75.5% من إنتاج العالم  .
و  الماسترد او الخردل في  إقليم ديجون الفرنسي  Dijon   مما  أدى إلى  قيام التجارة الدولية  و إشتهار أقاليم معينة  بإنتاج  بعض  السلع  و التى إذا  توافرت في مكان  آخر  لن  تكون  بنفس الجودة والنوعية  .
2-    أدى إختلاف  توزيع  المووارد  بين  الأقاليم  إلى  وجود  "  التبادل "  بين  الدول  فإنتاج  دولة  معينة  لسلعة  لا يعني  إحتكارها  لها ،  لحاجتها  للموارد  الأخرى  التى  تتوفر  لدى  غيرها  من الدول  ،  فإقتصاد  أى دولة  لا يستطيع  الصمود  بإعتماده  على  سلعة  وحيدة  فالحاجة  للتبادل بين  الدول  يؤدئ  إلى  حصولها  على الموارد  الأخرى  التى  لا تتوفر  لديها  .‑([28])  

ثانياً :  العمل  Le travail
          العمل هو العنصر الثاني من عناصر الإنتاج و إعتبره البعض العنصر الأساسي و الجوهري  في ممارسة النشاط  الإقتصادي ، والمحرك الإيجابي لكافة عناصر لإنتاج المختلفة فرأسمال كعنصر  من عناصر الأنتاج  ليس إلا نتيجة للعمل الإنساني عن طريق  إستغلال  الموارد  الطبيعية  المتوفرة  وقيمة أى مجتمع تقاس بقيمة العمل فيه. فالقيم  الإجتماعية والديـنية والسياسية  حـثت على العمل([29]).
تعريف العمل:
هو  كل  نشاط إقتصادي  يتمثل  في  شكل  مجهود  إنساني  سواء  كان  بدنياً  أو  ذهنياً  ([30]) .
و عرفه  البعض  الأخر  بأنه  كل  مجهود  يقوم به الإنسان  في  سبيل  إنتاج  السلع  و الخدمات  مقابل  الحصول  على أجر  محدد .

خصائص  العمل:
للعمل  بإعتباره  نشاطاً إقتصادياً عدة خصائص  :
1-    أن يكون  العمل إرادياً  أى  أن  تتجه  إرادة الإنسان  للإتيان  به  . بحيث  يسهل  حسابه  إقتصادياً  و المقارنة  بين العائد  منه  و المنفعة  و الألم  المترتب  عليه  ،  فالعمل  كعنصر  من عناصر  الإنتاج  يختلف  عما يدور  في  جسم  الإنسان  من عمليات  حيوية  ضرورية  لحياته  كالتنفس وعمل  القلب  المتمثل  بالدورة الدموية  . فلا  يعتبر  ذلك  من قبيل  العمل  ، لأنه  يتم بشكل  لا إرداي  وواعي  و لا  يعني  ذلك  أن يكون العمل  المقصود هنا  هو  العمل  الحر  غير  الخاضع  للشروط  والقيود  . فالقيود  المفروضة على العمل  بإختلاف  أنواعها  لا تؤدي  ‘لى  نفي  صفة العمل  كعنصر  من عناصر  الإنتاج  .
فقد  يرد  على العمل قيود  تفقد  الإنسان  حريته  كنظام  الرق  و السخرة أو قد  يكون  هذا  القيد  إقتصادياً فالانسان مجبر  على العمل للحصول  على  قوته  و دخله  ، وقد يدخل  الإنسان  في علاقة تعاقدية أو تنظيمية مع الدولة أوالأفراد مما  يجعله  يخضع  لقيد  قانوني  يجبره  بمقتضي  القانون على الإلتزام  بعمل معين ، و قد تكون هذه القيود مادية أو فنية  كتوافر رؤوس الأموال  أو كفاءات معينة أو تنظيمة  كالحصول على ترخيص أو إجازة  وأذن من المشرع  فالقول  بإن  العمل نشاط  يقوم  به الإنسان إرادياً لا ينفي وجود قيود أو شروط  يفرضها  المشرع  أو صاحب العمل . ([31])
مع  إستبعاد العمل الذي  تقوم به الآلات و الأجهزة  والحيوانات  بإعتبارها أعمال لا يقوم  بها الإنسان  .
2-    أن يكون العمل مجهود  يهدف إلى خلق  المنافع  فيكون العمل  بقصد  إنتاج السلع والخدمات  التي تشبع  الحاجات  المختلفة ،  و هذا يعني إستبعاد كل مجهود لا يؤدي إلى خلق و إيجاد المنافع  كممارسة الهوايات المسلية والسفر والسياحة ، فهي لا تعتبر عملاً إقتصادياً ولا تؤدي  إلى تحقيق مصلحة  الجماعة ، أما عمل ربات البيوت فهو عمل مفيد  و نادر ولا يعتبر عملاً يدخل في المفهوم الإقتصادي ولا  يحسب  ضمن  الدخل  القومي  لصعوبة  تقويميه  بالنقود ،  و عدم  القدرة على حسابه  .
3-     لا يقتصر معنى العمل على العمل اليدوي أوالمادي فقط  بل يشمل  كل  جهد  يقوم  به الإنسان  سواء كان جهداً عضلياً أو عقلياً أوحتى الجهد الفني  الذي  يتطلب مهارة  معينة كجهد الطبيب او المهندس أو المحامي أويتطلب مهارة بسيطة  كعمل  الفلاح  في الأرض أو العامل فى المصنع . ([32])
4-    أن يقترن  العمل الذي  يقوم  به الإنسان  بالألم . فالعمل  مؤلم  بطبيعته  ، و تتوقف  درجة  هذا  الألم على عدة أمور منها نوعية و طبيعة هذا العمل ومدى  ضرورته  و زيادة مدته  والمجهود  و  التضحية المبذولة  فيه ، فالعمل هو بذل للجهد بما  يصيب الإنسان من إرهاق جسمي و عصبي ولا يقتصر هذا الألم على ذلك وإنما  يرجع  بصفة  خاصة  إلى  العبء  و النفسي  الذي  يتحمله من  يقوم بالعمل . فالعامل في المصنع  يتحمل  عبئاً نفسياً نتيجة  لممارسته  و  إضطراره لعمل  في  أوقات  معينة .
و هناك أنشطة قد يمارسها الأنسان و تسبب له لإرهاق الجسدي ولكنها لا تعتبرعملاً ،  كالهاوي الذي يمارس الرياضة في حين أن المدرب الذي  يرافقه في  النادي قد يبذل  مجهود  جسدي أقل لأنه أكثر تمرساً ولكن  الألم النفسي الذي يشعر به يكون أشد نتيجة لإضطراره للعمل  فيعتبر ما يقوم  به عملاً في  المفهوم الإقتصادي. ([33])
و ليس معنى  ذلك أن العمل لا يخلق إلا الشعور بالألم  فقد يكون  العمل مصدراً للفرح  والمتعة  و السعادة و ذلك عندما يحقق الإنسان أهدافه متحدياً الصعوبات بالاضافة إلى العائد  المادي الذي  يحصل عليه عند  الإنتهاء  من عمله  .
و الألم الذي يترتب على بذل الجهد حالة داخلية  ليس  لها  تعتبر خارجي  قابل  للقياس  بوحدات عامة لذلك  يختلف الألم  من شخص لآخر  نتيجة  للقيام  بنفس  العمل .
و يتوقف الأمر على تكوين  الفرد  الجسماني  و النفسي  و الظروف  التي  يتم  فيها  العمل  و  نظرة  المجتمع  لهذا العمل .  ([34])
5-    قد  يشترط البعض أن يتم  العمل في مقابل الحصول على  أجر معين ، فمعيار الحكم  على العمل  المنتج  هو وجود ثمن كناتج هذا العمل ولا يشترط في الأجر أن يكون  نقدياً أو عادلاً .واشتراط الاجر او المقابل يخرج  من نطاق العمل  بالمفهوم  الإقتصادي عمل ربات البيوت في منازلهن أو الأعمال التى  يقوم  بها  المتطوعيين في  خدمة  المجتمع  لأن  مثل  هذه الأعمال لا تتم  بقصد الحصول على أجر  .









[12] -  انظر في  ذلك   د . عبد المنعم  راضي  . مبادئ  الإقتصاد  - جامعة عين شمس  1989 ص 178 و ما بعدها.
[13]  -  د. خالد  زغلول  و  د . صفوت عبد السلام   الوجيز  في مبادئ  الإقتصاد  السياسي  2007 ص 129 و ما بعده.
[14]   -  د السيد  عبد المولي  " أصول  الإقتصاد  -  دار  الفكر  العربي  1977  ص  392 و ما بعدها.

[15]  -  La paradoxe de l’eau et du diamant est un paradoxe qui naît de la théorie classique de la valeur. Il a été énoncé par Adam Smith sous la forme suivante :
(a) "Il n’y rien de plus utile que l’eau, mais elle ne peut presque rien acheter, à peine y a-t-il moyen de rien avoir en échange. Un diamant, au contraire, n'a presque aucune valeur quant à l’usage, mais on trouvera fréquemment à l’échanger contre une très grande quantité d’autres marchandises.”
Adam Smith, Recherches sur la Nature et les Causes de la Richesse des Nations, 1776.
[16]  - د . أحمد  جامع  -  مبادئ  الإقتصاد  - دار الثقافة  الجامعية   القاهرة  ص  56 و ما بعدها  .

[17]  - رفعت المحجوب  - الإقتصاد  السياسي – (ج 1) دار  النهضة  1966  ص  255 و مابعدها .
[18]  -  د. مصطفى  رشدي  شيحه  - علم  الإقتصاد  -  الدار الجامعية   1987  ص 327 و مابعدها .
[19]  - د. زينب  عوض  الله  - مبادئ علم الإقتصاد  -  دار  الجامعة  الجديدة  2017  ص  369  و ما بعدها  .
[20]  - د.  مصطفى  شيحه – المرجع السابق  ص  229  و مابعدها  .
[21] - د.  مصطفى  شيحه – المرجع السابق  ص  330  و مابعدها.
[22] - يمكن  مناقشة  مدى  ملائمة  أوعدم ملائمه العمليات الإنتاجية  التحويلية  من خلال  الأمثلة  المطروحة فالأسلحة  قد  تستخدم  للمحافظة  على  الأمن  و الدفاع  عن الدولة  وقد تستخدم  لأغراض اخري كالهجوم او الاعمال الارهابيه  و قد تستخدم  المخدرات  لصناعة  الأدوية  و للتعاطي  و هما  أمران  مختلفان .
[23]  - د . مصطفى شيحة  المصدر السابق  ص  332 .
[24]  - الضرائب  الغير  مباشرة Impots indirects هي  الضرائب  التي  تفرض  بصورة  غير  مباشرة  على إستعمال  عناصر  الثروة  ( الدخل  - راسمال  ) و ليس  على ذات  وجود  هذه الثروة في  حين أن الضرائب المباشرة  Impots directs
  هى التى تفرض  مباشرة  على ذات  وجود  الثروة  أو الدخل  . انظر في  ذلك  د. محمد  سعيد  فرهود  - مبادئ  المالبة  العامة  ج1 1990 ص 178 . و د. عادل  حشيش  و  د. زينب  عوض الله  مبادئ  علم  الإقتصاد  -  دار  الجامعة اجديدة  1999 ص 367 و ما بعدها  ..
 -  د. حازم  الببلاوي  - أصول  الإقتصاد  السياسي  -  دار  المعارف  الإسكندرية  1974 ص 86 و ما بعدها  [25]
[26] يمكن النظر لثبات مساحه الأرض بوجه عام كفكره سليمه  ولكن الواقع والتطور يمكن ان يفرز  حقائق اخري ,فمساحات الأراضي من الممكن ان تزيد او تنقص كما هو الحال بالنسبه لاستصلاح الأراضي البحريه  في هولندا وواجهات سان فرانسيسكو ومدينه مكسيكو جورج تاون ومشروع هونج كونج  وموناكو وهو مايسمي بردم البحر  وقد تزيد الأراضي الزراعيه باستصلاحها وتحويل الأراضي الصحراويه الي أراضي صالحه للزراعه.
[27]  د.حسين عمر مبادي علم الاقتصاد دار الفكر العربي 1989 ص47 ومابعدها
[28]  - د. عبدالمنعم  راضي  - مبادئ  الإقتصاد  -  جامعة  عين  شمس  1989  ص  511 و ما بعدها  .

[29]  - ذكر  " آدم  سميث " في  كتابه  " ثروة الأمم عام  1776 إن  ما  تقوم  به  كل أمة  من  عمل  إنساني  خلال  فترة  السنة  إنما  يمثل  الأساس  بالنسبة لما تحصل  عليه  من سلع  ضرورية  و كمالية  تستهلكها  خلال  هذ  السنة "
[30]  -  د. أحمد  جامع   -  النظرية الإقتصادية   ص  31 و مابعدها  .
[31]  - د. أحمد  جامع   -  النظرية الإقتصادية   ص  32 و مابعدها 
[32]  - د. خالد  زغلول  و د. صفوت عبد السلام  - الوجيز  في  مبادئ  الإقتصاد  السياسي  ص  51 .
[33]  - د . حازم الببلاوي  - أصول  الإقتصاد  السياسي  -  ص  136 .
[34]  - د . حازم الببلاوي  المرجع  السابق  ص  137 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجزء الثاني من محاضرات مبادي اقتصاد

الجزء التاسع الاسواق