محاضرت في الإقتصاد السياسي - الجزء الأول








محاضرات لمقرر مبادئ الإقتصاد الـسـياسي
للدكتورة  فاطمة  دشتي 
رسومات  فاطمة  محمد  القلاف






سنحاول  في  هذه المحاضرات ان نلتزم  بالترتيب الوارد في الكتب الجامعية في مقرر مبادي الاقتصاد السياسي لطلبة كلية الحقوق  . 









مـــقـدمه
يعتبر علم الإقتصاد من العلوم الإجتماعية ذات الأهمية الكبيرة فى حياة الأفراد و الجماعات ، فهو العلم الذي يعنى بدارسة السلوك الإنساني فى محاولتة لإشباع حاجاته و رغباته المتنوعة و المتغيرة.
لذلك سنحاول من خلال دراستنا إعطاء فكرة عن علم الإقتصاد من خلال موضوعات أولية و أساسية و ذلك على النحو التالي :-
أولا  : - تعـريف و مـدلـول عـلم الإقتصاد
ثانيـاً  :-  المشكلة الإقتصادية و مفـاهيمهـا المـخـتلفة .
ثـالثـاً  :- الــنظـم الإقتصاديــة .
رابعــــاً :- نـظريـة الـقـيمة .
خـامـساً :- نـظـرية الإنـتاج
سـادسـاً :- نـظـرية الإستهلاك
سـابعـاً :- نـظريـة الأسـواق
ثـامناً :- نـظريـة الـثـمن
تـاسـعـاً :- الـدخـل الـقـومــي






أولاً : تعريف عــلـــم الإقتصاد
-       من الأمــور المهمة قبل دراسـة عـلم الإقتصاد هو وضع تـعريـف لـهـذا الـعلم حتى نميزه عن العـلوم الأخـرى ، و قد يعـتـقــد البـعض أن هـذا الأمــر ســهلاً ، فـعلم الإقتصاد يـهتم بالعدـيـد من المـسـائـل التى تهم الـفـرد والمجتمع والتى تتسم بالتعـقـيد و التـنوع ، ثـم أن الإقتصاديين كـثيرا ما أختـلفـوا في نظرتهم لـهذه المـشـاكل و تـرتــيبها من حـيث أهميتها للفرد و المجتمع مما خـلـق صعوبة فى وضع تعـريف مـحـدد لـعلم الإقتصاد فـعرفه البعض بأنه عـلم الثروة أى أنه علم يبحث فى أسباب اكتساب الثروه و عـرفه البعض الآخـــر بأنه علم المبادلة و الذي على أساسه يتخلى الفرد عن ما يملك ليحصل فى المقابل من فرد أخر على ما يحتاجه من سلع و خـدمـات وأمـوال و يكون الهدف من ذلك إشباع حـاجـاته و قـد يـعرفـه الـبعض بأنه عـلم النـدرة أى الـندرة الـنسـبيـة بإعتبارها أساس الظاهـرة الإقتصادية و بالتالي عـلم الإقتصاد.

-       و قد يعرفـه البعـض بأنه عـلم زيـادة المـنفـعة أو الرفاهية الإنسانية حيث اعتبرت هـذه الأخيرة الهـدف الأساسي للأنشطـة الإقتصاديـة التي يـهـتم بـها عـلم الإقتصاد .

-       و يمكننا أن نعـرف علم الإقتصاد بـأنـه " ذلك العـلم الـذي يـهتم بـدراسـة و تـفسير الـسـلوك الإنسانـي عـند قـيامه بالإستـخـدام الأمثل للمـوارد المـحـدودة و الـنادرة من أجـل إشباع أكبر قـدر من حـاجـاتـه و رغـباتـه المــتـعددة و اللانـهائـية.

ثـانيــــاً : المشـكلة الإقتصاديــة ومـفـاهـيمــها الـمختـلفـة .
تكمن المشكلة الإقتصادية في تـعدد الحـاجـات الإنسانية ونـدرة المـوارد الإقتصاديـة اللازمــة لإنتـاج الـسـلع والـخـدمات الـكـفـيلة بإشباع الحـاجـات الـمختـلفة و هو الدور الذي يلعبه عـلم الإقتصاد فى إيـجـاد أنـسب الـحـلول لإنـهاء الـمشاكل الإقتصاديـة .
و يمكن أن نـحدد المشكلة الإقتصادية فى عنصرين أسـاسيين :-
( أ ) - تـعـدد الـحـاجـات الإنسانية .
( ب ) – مـحـدوديـة و نـدرة المـوارد ( الأمـوال و المـوارد الإقتصادية )


 ( أ ) تــــعــدد الحـاجـات الإنسانية
الحـاجة هى الـدافـع و الـهـدف الأسـاسي للـنشـاط الإقتصادي فـيشعر الإنسان بحـاجته إلى العـديد من السلع والخـدمـات لإشباع حـاجـاتـه و رغـباته ، فـهو بذلك يـوقـف الإحساس بالألم الـذي تـتـسبـبـه هـذه الحـاجات ، فحينما يتعرض للجـوع أو العـطش فـهو يـشعـر بالألـم ويسعى إلي إشباع هـذه الحـاجـات عن طـريق إنتاج الـسلع الـغـذائية و قد يكون الإحساس بـالألـم نـتـيجة لـشعـوره بالبرد أو الحـر مما يجعله يبحث عن إشباع هـذه الحـاجـة من خـلال الملبس أو المـسكن أو المأوى و هى حـاجـات أولية متعلقة بوجود الإنسان وحياته ، وقـد يحتاج الإنسان إلى سلع وخـدمات أخرى تـرجـع إلى أسباب نـفسـية أو معنويـة و ليس لها مـدلول مادي كالحـاجة إلى الراحة أو الإستجمام ، و مـع ذلك فالتـفـرقـة بين الحـاجـات سـواء كانت مـاديـة أو مـعنويـة ليس له أهمية في عـلم الإقتصاد فهو يعنى بالحـاجـات جميعها دون النـظـر لـنوعـها. و يهتـم عـلم الإقتصاد بالحاجات الإقتصادية دون غـيرها من الحاجات ، فـالحـاجة إلى التنفس رغـم أهميتها لحياة الإنسان إلا أنـها لا تعتبر حـاجـة إقتصاديـة فـهى لا تـهتـم بـالمـوارد الإقتصادية النـادرة .
-         فـالحـاجة الإقتصادية يتم إشباعـها بسلعة أو خـدمـة بإسـتخـدام مـوارد نـادرة سـواء كانت مـادية أو مـعنـوية .
و يـمكن تـعريف الحـاجة " بأنها الرغبة فى الحصول على وسيلة من شأنها أن توقف إحساساً بالألم أو تمنع حـدوثـه أو يكون من شـانـها أن تؤدي إلى الاحتـفـاظ بالشـعـور بالـراحة أو تـؤدي إلى زيادته ."
·        أنــواع وأقــسـام الحـاجـات الإنسانية

يمكن تـقـسيـم الحـاجـات الإنسانية إلى ثـلاثـة أقـسام و ذلك حـسب الـمعيار المتخـذ كوسيلة للتقسيم :
1-    حـاجات آنـية أو حـاضـرة و حـاجـات مـسـتقـبلية ( المـعيـار الـزمـني ) .
2-    حـاجـات فردية أوجـماعية وقد تـسمى بالحـاجـات العامة والحـاجـات الخـاصة ( مـعيارمن توجه له الخـدمة )
3-    حـاجـات ضـروريـة وحـاجـات كـمالـية ( معيار أهمية الحـاجة للـفرد ) .

v  الحـاجـات الآنيــة أو الحـاضـرة والحـاجـات المستـقـبلية

     نتيجة لإمتداد عمرالإنسان وتجـدد حـاجـاته ، تقسم الحـاجـات إلى حـاجـات آنية وحـاجـات مستقبلية فـالحـاجة إلى الطعام والشراب هى حاجات يجب إشباعها عند الشـعـوربألـم الجـوع والعـطش حتى يصل لـدرجة الإشباع وهى حـاجـات متجددة وعلى فـترات قـصيرة فـالإنسان يأكل ليُـشبع حـاجـاته وقت الحصول على السـلعة أو الخـدمة اللازمـة لـهذا الإشباع .
     أما الحاجات المستقبلية فـلا يـسـتطيع الإنسان إشباعها فى الحال و لابد من الانتظار لفترة زمنية قـد تطول أو تقصرمثال ذلك الحاجة للسكن فبناء الوحدات السكنية يحتاج إلي وقت وهـو ما نـراه في الكويت من خـلال تـوزيع الحـكومة للـوحـدات الـسكنية لـطالبي الـسكن من الـشـباب .
v  الحـاجـات الـفردية الخـاصـة و الـحـاجـات الـجـماعـية الـعامة

     فالحاجات الفردية هى التى يمكن إشباعها بشكل فـردى وخـاص بالـفرد نــفسه و يقتصر نـفعـها على الـفرد دون غـيره من الأشخـاص مثال ذلك الحاجة إلى المأكل و المشرب وقد تكون الحاجة جماعية فلا يمكن إشباعها إلا بشكل جماعي . ولا يمكن قصر منفعتها على فـرد واحـد مثل الحاجة إلى الأمن والتعليم والنقـل والقضاء ويمكن إضافة الحاجة إلى خدمات الانترنت كحاجة جماعية فـمجـرد أن تؤدي الخدمة التى تشبع حاجة الفرد فأن الآخرين يشبعون حاجاتهم فى نفس الوقت مثال ذلك توصيل وزارة المواصلات التمـديلات اللازمة لخدمة الانترنت للمناطق الـسكنـية .
     ويعتبرهذا التقسيم تقسيم نسبي ينظرله من ناحية تـنـظيم الدولة لهذا الإشباع أوعدم تنظيمه فهـو يعتمد على ظروف كل دولة وطبيعة نظامها الإقتصادي والسياسي المُـطبق فيها فما تنظمه الدولة يعتبر( نشاط عام) وما يترك للأفـراد يعتبر( نشاط خاص ) .
v  الحاجات الضرورية والحاجات الكمالية .

          وهوالتقسيم الثالث للحاجات الإقتصادية ، فالحاجات الضرورية هى الحـاجـات التى يتوقـف عليها حياة الإنسان وصحتـه و بقـاءه مثال ذلك الحاجة إلى الأكل والشرب والمسكن والـدواء و الملبس حيث يؤدى عدم إشباع هذه الحاجة إلى تعرض حياة الإنسان للخطـر .

          أما الحاجات الكمالية فـيمكن تعريفها بأنها الحاجات التى تزيد من إحساسه بالشعـور بالراحة بعد إشباعـه لحاجاته الضرورية بعبارة أخـرى تزيد من استـمتاعـه بالحياة وتجعـل حياته أكـثر يـسـراً و رفاهية ومثال ذلك الغـذاء الفاخـر( كالـفـقـع فى الكويت و السلع ذات الـماركات العالمية المعـروفة و السيارات الـفارهة ) .
ويعتبرتقسيم الحاجات إلى ضرورية وكمالية تـقـسيم نسبي فلا يمكن وضع معيارمحدد لهـذا التـقـسيم و ذلك بالـنظـرلعدة أمـور :

1-    أهـمية أوعـدم أهـمية الحاجة للإنسان أى أنها تختلف من شخص إلى آخـر، فالـدراجـة الـهـوائية تعتبرضرورية فى بلد كالصين أو الهند كوسيلة تـنـقـل أسـاسية ، ولكنها لا تعبر كذلك في الكـويت فهى سـلعة كـمالية تـستـخـدم كوسـيلة للترفيه ومن الممكن تصنيفها كأحد سلع " التـفاخـر" كما هـو الحال بالنسبة للدرجـات الـهـوائية الرياضية .

2-    اختـلاف ظـروف الـزمـان. فما كان يعتـبر بالأمس حاجة كمالية أصبح اليوم حاجة ضـرورية كالهاتف النـقـال في الوقت الحالي وذلك نتيجة للتطور والإكتشافات الحديثة وقد يـعتبـرالعكس صحيحاً ايضـاً كماهـو الحال بالنسبة للـهاتـف الأرضي بـعد أن كان ضرورياً أصبح في الوقت الحالي غير ذو أهمية .

3-    إخـتلاف ظـروف الـمـكان. فـالحاجة تختلف من مكان لآخـركما هوالحال بالنسبة للأجـهزة الكـهـربـائية كالـتكيف أوالتـدفـئة أوالدرجات الـهـوائية . فـحاجة الريـف تـختـلف عن حـاجـة الـمدينة و حـاجة الـمناطـق الـباردة تـختـلف عن حاجة المناطق الحـارة .

        ويمكن إضافة تـقـسيمات جـديـدة كحاجات الترفيه أوالحاجات الشائعة لدى الإنسان و التى لا يستطيع الاستغناء عنها نظـراً لتعـوده عليها كحاجته لشرب الشـاي والـقـهـوة .
خصائص الحـاجـات
     تـتـصف الحاجات بعدة خـصائص وصفات يترتب عليها بعض النتـائج الإقتصادية وأهــم هذه الخصائص:-
     أولاً : الحـاجـات الإنسانية لا نـهـائية .

     الحاجات الإنسانية حاجات مـتـنــوعة و متـعددة و قـابلة للـزيادة بـشكل مستـمر، فـحاجة الـفرد إلى سلعة معينة أو خدمة تـتـجـه للإشباع مع زيادة الإستهلاك ، وحـاجـات الإنسان في مجموعها تـتـزايـد بإستمرار وبـقـدرما ينجح مجتمع معين في إشباع عدد معين من الحاجات الإنسانية بقدر ما يخلق حاجات غير مشبعة و ذلك يرجع لعدة أسباب :-
1-    زيادة عدد السكان فى العالم وهـذا يعني أن كل زيادة فى عدد سكان العالم يستتبعها زيادة فى الحاجات الإنسانية .

2-    التطورو التـقـدم في مجالات التكنولوجيا أدى إلى خلق حاجات جـديـدة لم تكن موجـودة من قبل أو كجهاز الهاتف النقال و ما يستـتبعه من مرفقات .

3-    قابلية الحاجات الإنسانية للتكرار و التجـدد مع مرور الزمن فالحاجة للمأكـل و المشرب تتـجـدد بشكل مستمر. وعمل الإنسان بشكل مستمر يؤدي إلي تجـدد حـاجته للراحة و الاستجمام و وجود الإنسان فى مجتمع يخلق حاجة متجـددة ومـستمرة للأمن والعدالة .

4-    زيادة الوعي العالمي بإتجاه الصحة العامة أدى إلى خـلق حاجات جديدة و متعددة و متجددة . كالخـدمات الصـحية الحـديثـة.
5-    اختلاف حاجات الفـئات العمرية ( الاطفال - الشباب - كبارالسن ) أدى إلى خـلق حاجات جـديـدة لكل فـئة . فـحاجات الأطفال و الشباب تطورت عـبـر الزمن بـشكل كبيرو تطورت حاجات كبار السن و خاصة ما يتعلق بالخـدمات الصحية مـمـا أدى إلى زيادة مـتوسـط العمر لدى هـذه الـفئة و زيادة عـدد السكان نـتيـجـة لذلك .

6-    تغييرالنمـط الإستهلاكي لدى الأفـراد نتيجة للـدعـاية و الأعـلان مما أدى إلى وجود حـاجات جـديـدة.

7-    انـفـتـاح الـعالـم نتيجة للـعـولمة و سهـولة الاتصال أدى إلى خـلق حاجات جـديـدة لم تكن موجـودة من قبل لدى بعض الأفـراد و الجـماعات .

ثــانـيــأ :  نسبية الحـاجـات الإنسانية

          يقصد بلـفـظ النسبية أن الحاجات لا تمثل إنعكاساً لضروريات حيوية أو بيولوجية و إنما هى تعبير عن أوضاع إجتماعية و ثـقافـية و إقتصادية تحكمها ظروف الزمان و المكان ، فحاجات المجتمعات البــدائية تختلف عن حاجات الـمجتمعات الحديثة وسوف تختلف هـذه الحـاجـات بالنسبة للمجتمعات المستقبلية .
          فـحـاجـة الإنسان فى الريف أو الـقـرية تختلف عن حاجة الإنسان فى المدينة ، وحـاجـة الفـرد فى الكويت تختلف عن حاجة الفرد فى مصر أو في فـرنسا. و كثيراً من السلع انتـقـلت إلى الإنسان كموروث إجتماعي بسبب العادات والتـقـاليد ، كالباس الاجتماعى " العباءة للمـرأة أو الدشـداشـة للرجل " كما هوالحال في الكويت أو دول الخـليج .

ثــالـثـــاً :  قـابـليــة الحـاجـات الإنسانية للقـياس .

          لا تـقـاس الحاجات إلا بـشكل شخصي وهـذا يعني أن طالب الحاجة يقيس حـاجـاتـه المختلفة من خلال المفاضلة بين الحاجات و ترتيبها حسب أهميتها بالنسبة له و بعبارة أخـرى قـدرة الأفـراد على المـفاضلة بين الحاجات عن طريق إجراء تـرتـيب و تـفـضيل للحـاجات المخـتـلفة و القـدرة على إجراء هـذا الترتيب لا يعنى بالضرورة توافــر مقاييس كمية للمنـفعة و إنما تـقـاس الحاجة فى وقت ما بنسبتها إلى الحاجة نـفـسها فى وقت آخر و قـد تـقـاس الحاجة بنسبتها إلى حاجة أخرى و هـذا يعنى أن أفضليات طالب الحاجة تختلف بإختلاف الزمان والمكان والتطورات المختـلفـة فى مناحي الحياة .

رابعـــاً :  قــابـليــة الحــاجـة للإحلال أو التــــكامـل

          فهناك من الحاجات ما يحل بعضها محل البعض الأخـر ، كما أن هناك من الحاجات ما يكمل بعضها البعض الآ|خـر ، و تتوقف قابليه الحاجه للإحلال على مـقـدار الاختلاف و التفاوت بين الحاجتين ووسيلة الإشباع . فالحاجة إلى شـرب القـهوة لدى طالب الحاجة يمكن أن يستبدلها بشرب الشاى ، وهـو أمـر يتوقـف على ما يمليه الفرد من صفات على كل من الحاجـتيـن مما يدخل فى تـقـديـر المستهلك فـقـد يكون هـذا الإحلال ناقصـاً أو قريباً مـن الكمال بعبارة أخرى يعـتمد هـذا الإحلال على معيار شخصي يختلف من شخص لآخـر .
و قد تكون الحاجات مكملة لبعـضها كم هو الحال بالنسبة للشاى والسكر والسيارة والبنزين كذلك فإن هناك قـدر من التكامل بين الحاجات الأساسية للإنسان فالحاجة إلى الغـذاء تعــد مكملة للحاجة إلى السكن والحاجة الترفية والسـفـر والحاجة إلى العمل ........ إلخ

خــامـســاً : قـابـلة الحـاجــة للإشباع .

          فى حالة عـدم إشباع الـفرد لـحاجته يتعرض للـشعـور بالضيق و الألم وهو ما يـدفـعه إلى استخدام دخله وموارده الإقتصادية للـقـيام بعملية الإشباع مما يؤدي إلى إختفاء و زوال الشعور بالألـم وعـدم الراحة . فـقـابلية الحاجة للإشباع يؤدى إلى استـخـدام جـزءاً محـدوداً من الأموال لإشباعها و هـذا يعني أن الحاجة تقل حـدة كلما تلقت قـدراً من الإشباع . والإستمرار في إستهلاك الـفرد لدخله و موارده الإقتصادية بهدف إشباع حاجته سوف يؤدي إلى الوصول إلى نقطة معينة لا يحقق فيها نفعاً و إنما يؤدي ذلك إلى تحـقـيـق ضرر وهـذا يعني ضرورة تحديد نقطة التوقـف . و هو ما يعرف بـظـاهرة تناقص المنفعة الـحـديـة .

          فالمستهلك للأكل و الشرب مثلاً في رمضان في فترة الصيام يصل إلى مرحلة يحـقـق فيها الإشباع و يتـناقص لديه الشعور بالألـم وعـدم الـراحة بعبارة أخـرى المـنـفعة التى يحصل عليها الصائم تتناقص مع زيادة الوحـدات المستخدمة من الأكل و الإستمرارفي عملية الإشباع يؤدي إلى حـدوث ضـرر وهـو ما يـعرف بالتخـمـة أى الأفـراط بالأكل .

ســادســأً   قابلة الحــاجــات للإنقسام

          الحاجة تتناقص كلما تلقت قـدراً من الإشباع و هـذا يعني قابليتها للإنقسام . فـقـد يُـشبع الفرد جـزءاً من حاجته و يظل الجزء الآخر دون إشباع كمن يأكل دون أن يصل إلى حد الشـبع و تتوقف قـابلية الحاجة للإنقسام على قابلية و سائل إشباع الحاجة نفسها ( الأمـوال والموارد ) للإنقسام و اختلافها من حيث الجودة . في حين يرجع سبب إنقسام الحاجة إلى طبيعة الإنسان و طبيعة السلعة أو الخدمة التى يشبع بها الإنسان حاجاته .

( ب )  الأمـــوال و المـوارد الإقتصادية

وهو العنصر الثاني من عناصر المشكلة الإقتصادية . وهي أهم الوسـائل في إشباع الحاجات الإنسانية و يمكن تعريف المال بشكل عام بأنه كل شئ قابل - بطريق مباشر أو غير مباشر- لإشباع الحاجات الإنسانية بحيث يكون متاحاً لكي يتم استخـدامه لتحقيق الإشباع .
و الأمـوال أوالموارد بالمعنى العام ، تكون متعددة و متنوعة كالهـواء والشمس  فهو يشبع حاجة الإنسان للتنفس حتى يعيش ، في حين أن الشمس تـشبع حاجة الإنسان للدفئ والضـوء والطاقـة كذلك الأرض و المصانع وأدوات العمل و المواد الخام أمـوال تـشبع حاجة الإنسان للمأكل والملبس و السكن .

و تنقسم الموارد والأموال إلى قسمين :
1-   أمـــوال حــرة
2-   أمـــوال إقتصادية .
          يرجع معيار التـفـرقـة بين الأمـوال الحـرة والأمـوال الإقتصادية إلى طبيعة العلاقة بين الكمية  المتـوفرة منها والحاجة إليها ، و حتى يعتبر المال من الأمــوال الإقتصادية يجب أن تكون الكمية المتوفرة منه أقل من الكمية المطلوبة و هو ما يسمى بالندرة النسبية .
1-   فالأمــوال الحـرة :
           هي الأمــوال التى توجد بكميات وفيرة تكفي لإشباع حاجة طالبيها و لا يتحـدد لها ثمن في السوق ولا تثور المشكلة الإقتصادية اتجاهها نتيـجـة لتوافـرها بكميات أكبرمن الكميات المطلوبة منهـا و لا يهتم بها علم الإقتصاد .


2-    الأمــوال الإقتصادية :
          يمكن تعـريفها بأنها الأمـوال التي تتميز بأن الكميات المتوفرة منها محدودة و نادرة بحيث لا تكفي لإشباع الحاجات المتعلقة بها و يتحـدد لها ثمن بالسوق وتتصف بالنـدرة النسبية و تمثل هـذه الأمـوال مشكلة إقتصادية لدي الإنسان مثال ذلك الماء والأشـجـار الموارد الطبيعية كالبترول والمعادن .
·        خصــائــص الأمــوال الإقتصادية :

و تتصف الأمـوال الإقتصادية بـعدة صـفات :
1-    النـدرة الـنسـبية .
2-    المنـفـعة
3-    غير مخصصة أى تصلح لإشباع حاجة محـددة .
4-    وجـود عـلاقـة تكامـل و إحلال فيما بينها .
5-    أن يكون لها قيمة بالسوق .
( 1 ) النـــدرة النـسـبيــــة
          و هى الخاصية الأهـم التي تميز بين الأمـوال الحرة والأمـوال الإقتصادية ، فالأمـوال الإقتصادية مـحـدودة الكمية و ذلك بالنسبة للحاجات الإنسانية ، هى لا تكفي لإنتاج و تـغطية كل ما يحتاجه الأفـراد من السـلع والخـدمات .
و المقصود بالندرة النسبية أن يكون المال أو المورد مـوجـوداً و متوفراً بكميات كبيرة و لكن لا يُغطي الحاجات الإنسانية ، و قـد يكون سبب هـذه الـندرة طـبيعيـاً مثل محدودية بعض الـمـوارد في باطن الأرض كالمعادن أو ندرة مصطنعة خلفتها يد الإنسان مثل الاحتكار .
( 2 ) المــنـفـعـــة
          و هى صفة مـوجـودة في المال تجعله صالحاً لإزالة الإحساس بالألـم وتولـيد الإحساس بالراحـة و بـعبـارة أخـرى قـدرة المال على إشباع الحاجات الإنسانية و المنفعة المقصودة هـنا هي المنفعة التي تحقـق الإشباع لدى الـفرد بغض الـنـظر عن توافـقها مع الصحة أو الاخـلاق أو القانون والدين ، فـفكرة المنـفعة فـكرة محـايدة في علاقتها بالأخلاق و الصحة مثال ذلك تعاطي المخدارات أو شرب الخـمـور أو الـتـدخين فجميعها ضـار بالـصـحة، ولكنها تحقـق المنفعة بالنسبة لمستهلكيها من خلال منحهم الرضـا و الإحساس باللذة و إزالة الألـم في مقابل تضحيتهم بجـزء من مـواردهـم و دخـلهم للحصـول عليها .

( 3 ) صالحة لإستعمالات متعددة وتشبع حاجات متعددة ( غـيرمخـصــصة ).

          فـالأرض من الممكن أن تُـزرع وقـد يقام عليها مصنع أو مـدرسة أو تكون مـخصصة للسكن أو حتى النشاط الواحد كالزراعة مثلاً فمن الممكن أن يتنوع فـيُزرع القطن أو القمح أو الخضروات ، فتعدد استخدامات المورد أو المال يؤدى إلى خلق المشكلة الإقتصادية ، وتؤكد هـذه الخاصية مشكلة الأختيار - و ذلك لأن استخـدام هـذا المورد لنشاط معين يمنع استخدامه بنشاط آخـر لإشباع حاجة أخـرى - بعبارة أخـرى صـلاحية المـوارد لأستخدامات متعددة يجب الأختيار بينها يخلق المشكلة الإقتصادية .
( 4 ) و جـود عـلاقـة تكامـل أو إحلال فـيما بـينهـا .

          الخاصية الرابعة للأموال الإقتصادية هى وجـود عـلاقة تكامل أو إحلال فيما بينها ، فمن النادر أن يكون لمال معين منفعة فى ذاته مستقلة عن الأمـوال الأخـرى فـعلاقـة التـكامـل نوعان فقد تكون أفـقـية كسلعة الشاي والسكر و السيارة والبنزين ، والموبيل والشاحن ، والكمبيوتر وبرامجه المختلفة . وقـد يكون هـذا التكامل رأســيــاً أى أن مالاً ما يؤدي إلى خلق أمـوالاً أخرى كالقطن فى الغـزل و الغـزل فى المنسوجات و كما هو الحال بالنسبة للشجرة و الخشب و الخشب في الورق . في حين أن عـلاقة الإحلال تـظـهر عندما تحـل هـذه الأمـوال محل بعضها البعض فى الإشباع من خلال التنافس فيما بينها سواء بالنسبة لطلب المستهلكين أو طلب المنتجين فالأمـوال الإنتاجية قـد تحـل محـل بعضها البـعض إحلالاً كامـلاً أو إحلالاً جـزئياً في إشباع طلب المنـتجـين عليها كإحلال المطاط الصناعي محل المطاط الطبيعي فى صناعة إطارات السيارات و إحلال مـادة الستانلستيل محل مادة الألمنيوم في صناعة الأواني المنزلية.

( 5 ) أن يـكون لــه قـيـمة في السـوق

          و المقصود بذلك أن يكون لــه ثــمـن و قابلية للشـراء في حالة عرضه للمستهلكين كسلعة أو خـدمـة فيستطيع الفرد أن يتنازل عن مبلغ مالي مقابل الحصول عليه لإشباع حاجاته و في المقابل يجب أن يكون هـذا المال قـابل للتـمــلك بحيث تنطبق عليه التصرفات القانونية من بيع أو أجارة ، فضوء الشمس والهـواء لا يعتبر مالاً إقتصاديـاً لكونه غير قابل للتملك ، الا أنه يكتسب الصفة الإقتصادية عندما يصبح مملوكاً مثل الهـواء المعبـأ مثلاً في أنبوب و الشمس عندما يتم تحويلها إلى طاقة و يتم بيعها .

v  أنـواع و تـقـسميات المـوارد الإقتصادية

يمكننا أن نـقـسم الأمـوال الإقتصادية إلى عـدة أنـواع بالنظر لأهـميتها و إستـخـداماتها في الحـياة الإقتصادية للـمجتمـع .

( أ ) تـقـسيم الأمـوال أموال مادية ( سـلع ) و أمـوال غيرماديـة ( خـدمـات )
و يـقـصـد بالأمـوال المادية أو السلع الأشياء المادية الملموسة و التي يكون لها كيان مادي محسوس و قد يصنفها البعض بكل ما يوجد في المجتمع و يأخذ حـيزاً أو حـجـماً معيناً يمكن تمييزه بالنظر أو اللمس و تراه بالعين الـمجـردة ويمكن لمسه أو حـمله باليد أو بأى طـريقـة . مثال ذلك المأكـل الـمشرب الـمسكن الملبس أما السلع الغير مادية (الخـدمـات) فـهي الأشياء التى ليس لها كيان مـادي ملموس كالخـدمات العامة مثل الخـدمات التـعـليمة و الخـدمات الصحية أوالتي تقدم من قبل الأفـراد كـخدمة المحامي أو المهنـدس أو الطبيب ...... الخ .
( ب ) الأمـوال أو الـسلع الإستهلاكية و الأمـوال أو السلع الإنتاجية .
          و يـقـصد بالأمـوال الإستهلاكية أو النهائية تلك الأمـوال التى تصلح لإشباع الحاجات الإنسانية بشكل مباشر فهى تعطي الإنسان منفعة مباشرة كالمواد الـغـذائية و الأدوية و السيارات و الأثـاث .
          أما الأمـوال الإنتاجية ( الـغير مباشرة ) فيقصد بها تلك الأمـوال التي لا تصلح لإشباع الحاجات الإنسانية بشكل مباشر و لكنها تستخـدم في إنتاج الأمـوال و الخـدمات الإستهلاكية التي تصلح وحدها لأداء هـذا الـغرض مثال ذلك الأرض و الآلات و المعـدات و الأجهـزة الإنتاجية و المـواد الخـام و الـوقـود ..... الخ
و تسمى هـذه الأمـوال بأمـوال الإنتاج أو الإستثمار أو سلع وسيطة بإعتبارها عـاملاً من عـوامـل الإنتاج .
-         وهـذا التـقـسيم للأمـوال كأمـوال الإستهلاك وأمـوال الأنتاج يعتبر تقسيم نسبي ، فـلو قلنا بأن هناك أموال لا يمكن اعتـبارها إلا أموالاً إستهلاكية كالطعام و الشراب والملبس و هناك أمـوال لا يمكن اعتبارها إلا أموالاً إنتاجية كالآلات و المعدات و المواد الخام .... لكن هناك بعض الأمـوال التي تأخـذ الـخاصتين معــاً الإستهلاكية و الإنتاجية حسب الاستعمال الذي تستخدم فيه فالسيارة  مثلا إذا استعملت استعمالاً خـاصاً اعتبرت مالا إستهلاكيا و عند استخدامها فى نقل العمال و البضائع اعتبرت مالا إنتاجيا و تكتسب الصفتين معاً الإستهلاكي و الإنتاجي في حال استخدامها للغرضين مـعاً .

( ج ) أموال الإستهلاك المعمرة وأمـوال الإستهلاك غيرالمعمرة أوأموال الإستهلاك الفوري وأموال الإستهلاك المستمر.
 ويقصد بالأموال الغير المعمرة تلك السلع التي يتم تحقيق منفعتها بمجرد استخدامها للإشباع مرة واحدة مثل الطعام والشراب و الكهرباء و أنابيب الـغـاز . أما الأمـوال المعمرة فهي الأمـوال التي تستخدم بشكل متكرر و التي تستمر منفعتها للإنسان خلال فترة ممتدة من الزمن بحيث لا تفنى من أول استعمال أو استخدام لها و إنما يستمر الأنتفاع بها فترة طويلة نسبياً من الزمن مثل الملابس و السيارات و المنازل و الموبيلات و الأثاث .... إلخ.
( د ) أمـوال ( سـلع أو خـدمـات ) الإستهلاك الـفردي و الإستهلاك الجماعي
          يمكن تعريف السلع و الخـدمات ذات الإستهلاك الفردي  بانها تلك الأموال التي يتم استخدامها  بشكل فـردي أو من خـلال محموعة من الأفـراد كالأسرة  مثال ذلك إستهلاك الخبز و الملابس و الخـدمات الشخصية كخدمة الطبيب و المهندس . أما السلع و الخدمات ذات الإستخدام الجماعي فهي تلك الأموال التي يتم إستهلاكها بشكل جماعي بإسم المجتمع مثال ذلك خـدمات الأمن و القضاء.
( هـ )  أموال ( سلع و خدمات ) الإستهلاك الضروري والكمالي .
          تعتبرالأمـوال ضرورية إذا كانت تـشبع حاجة أساسية و ضرورية كالحاجة إلى الطعام والشراب و المسكن و الملبس و قـد تكون هـذه الأمـوال كمالية و تتحقق عندما يكون الإشباع لحاجات أقل أهمية و إلحـاحـاً بالنسبة لطالب الإشباع وهو أمر نسبي فما يعتبر ضروري لشخص معين قـد لا يكون كذلك لغيره مع إختلاف هـذه الحاجة من ناحية إلحاحها و أهميتها من زمن و مكان لآخـر كما ذكرنا سـابـقاً .

( و ) أمـوال ( سلع و خـدمات ) الإستهلاك المتنافسة و المتكاملة .
          يـقـصـد بالأمـوال المتنافسة تلك السلع و الخـمات التي لها بـديـل أى التي يمكن أن يحل بعضها محل البعض الآخـر بغرض إشباع نفس الحاجة مثال ذلك إستهلاك السمك و اللحم أو الدجاج فى الكويت و إستهلاك الملابس القطينة والصوفية في البلاد الأخـرى .
          أما الأموال المتكاملة فهى السلع أو الأمـوال التي يلزم إستهلاكها بشكل متزامن أى في نفس الوقت مثال ذلك الشاي و السكر و الموبـايل و ملحقاته وأجهزة الكمبيوتر و برامجها .

v   المشكلة الإقتصادية في الأنــظـمــة المـخـتلـفــة
     أساس المشكلة الإقتصادية فى النظام الرأسمالي عـدم كفاية و محدودية الموارد في مواجهة حاجات متعددة و متجددة بعبارة أخـري القدرة على الأختيار و التوزيع الأمثل لهـذه الموارد بحيث تغطي الحاجات بشكل يؤدي إلى إشباعها بشكل مـرضي لطالب الحاجة من خلال أدوات النظام الرأسمالي  المتمثلـة بالحرية الإقتصادية في ظـل سوق حــر و ملكية فردية .
     فى حين أن المشكلة فى النظام الأشتراكي تتمثل فى التناقض بين قوي الانتاج وعلاقات التوزيع فالملكية الخاصة لوسائل الانتاج تؤدي إلى الأحتكار فنكون أمام تعارض مصالح ( مصلحة المستهلك من جهه و مصلحة المحتكر من جهه أخـرى ) فتسعي الدولة فى ظـل النظـام الأشتراكي إلى إلغـاء الملكية الـفردية و تشجيع الملكية العامة فـتـتـدخل الدولة وتأخـذ بالتخطيط الشـامـل لإشباع حاجات الأفـراد و الجماعات و كحل للمشكلة الإقتصادية .
     في حين أن النظـام الإسلامي نـظـر للمشكلة الإقتصادية بعين أخـرى فالموارد والأمـوال مـوجوده و متجـددة ( الـنعـم ) وان كانت هـناك نـدرة فـالمقصـود بها النـدرة النسبيـة لدفع الناس إلى بـذل الجـهد لإشباع الحاجات .
·       أسباب المشكلة الإقتصادية في الإسلام :
أساس المشكلة الإقتصادية في الإسلام هو سـلوك الإنسان على مستوى الفرد أو الجماعة ومن بين أسبابها:
1-     عـدم تعئبة المـوارد الـبشرية و الـطبـيـعية و الـمالـية للنشاط الإقتصادي و يدعـو الإسلام إلى تعبئة هـذه المـوارد من خـلال الـسعي فى الأرض و تحويل هـذه الموارد من صورتها الأولية كمواد خـام إلى مـواد تصلح لإشباع حاجات الإنسان المختلفة مثال ذلك النفط و الأشجار.

2-    التفاوت بين الطبقات أحـد عناصر المشكلة الإقتصادية فعندما تتركز الثروة في يد مجموعة أو أفـراد معينيين يؤدي ذلك إلى تعطيل ثروات المجتمع وإحتكارها ومن ثم خلق الندرة المصطنعة . فأتى الإسلام لحل ذلك بفرض الزكـاة على فئات معينة و بشروط محددة و بعبارة أخـرى أعاد توزيعها بشكل عادل مما يؤدي إلى إلغـاء أو تخفيف التفاوت بين الطبقات . فترعي الدولة المصالح العامة عن طريق التدخل فى النشاط الإقتصادي بمنع الاحتكار و المضاربة .
3-    أحـد أسباب الـمشـكلة الإقتصادية في الإسلام هـو سـوء توزيع الموارد . فتجد الغني و الـفـقـير و الأقليم الغني بثـرواته الطبيعية و آخـر يـفـتـقـر إلى هـذه الموارد و ذلك لحكمة الـهيه الغرض منها دفع الشـعوب والمجتمعات للتـعاون والـتعارف واعـمـار وإصـلاح الأرض بهدف زيادة الموارد و تجديدها من خـلال التبادل التجاري وفتـح الأسواق و إلغـاء الـقـيـود الـجـمركـية .

4-    الإسـتـنـزاف و الإسـراف في استخدام الموارد الإقتصادية للانتاج غير المبرر و خـاصـة في انتاج الـسلع الغير ضرورية ( الـكـمالـية ) بعبارة أخـرى مـبالغة البشر في حاجاتهم . و قـد وضع النظام الإسلامي حـلولاً لهـذه المشكلة من خلال ضبط الحاجات الـبشرية و ظـيـفـيـاً حسب الاعتـبارات الـشرعية و توجيه الموارد الإقتصادية نحوالانتاج النافع و الابتعاد عن الإستهلاك الغير ضـروري - كإستخدام الأرض في إنتاج السلع الضارة مثل التبغ أو المواد المخدرة كالـقات مثلأ في اليمن و الغرض من ذلك تحقيق الربح السريع نتيجة للطلب الفعلى المرتفع على هـذه السلع مما يؤدي إلى تعطيل استخدام هـذه الأرض للأغـراض الأكثر ضـرورة كالصناعة أو الزراعة و أوضح مثال على ذلك اليمن عندما حلت زراعة القات لزيادة الطلب عليه محل البن الذي يعتبر من أجـود أنواع البن فى العالم لتوفر البيئة الملائمة له . فالأرض كمورد طبيعي متعددة الاستخـدامات تم استخدامها في أنتاج للسلع غير الضرورية إن لم تكن ضارة . و يمكن أن تطبق هـذه الـقاعـدة على جميع الموارد كالماء مثلآ .

5-    الـسـياسـات الإقتصادية والتجارية الخاطئة التي تطبقها بعض الدول كسـياسة الاغـراق[1] أو إتلاف الـفـائض من بعض السلع بهدف المحـافـظة على ثمن السلع كما يحصل في بعض الدول الأوربية من إتلاف لبعض الـفواكهة مـثـل الطماطم والـفراولة حتى لا ينخفض السعر ( إذا زاد المعروض قل الثمن ) بالإضـافة إلى رفض هـذه الدول نقل التكنولوجيا اللازمة للانتاج لأسباب تجارية دون مـراعـاة الحالات الإنسانية المتضررة وقـد تقـوم بعض الدول بفرض قيود جمركية أمام حركة السلع و الخـدمات مما يــعيـق حركة التجارة الدولية فتضيع الكثير من الموارد التى من الممكن أن تغطي حاجات كثيرة لذلك من الضروري وجود اتـفـاقـيات بين الـدول للقـضـاء على هـذه الـمشـاكل.

6-    عـدم قيام بعض الدول بتنمية الموارد الطبيعية من خـلال توظيف عناصر الانتاج في دعـم المشروعات الحـيوية و زيادة تصديرها للأسـواق الخارجية مما يؤدي إلى تنميتها و تجددها و يزيد من قدرتها على إشباع الحاجات المختلفة .

7-    عـدم اتباع الوسائل الحديثة والمتقدمة مما يؤدي إلى زيادة الانتاج و تنوعه ليغطي الحاجات المتزايدة.
·       أسباب المشكلة الإقتصادية فى المجتمع الكويتى .

     رغـم صغر حجم دولة الكويت إلا أن إقتصادها يعتبر من أهم الإقتصاديات في منطقة الخليج و الشرق الأوسط و تثورالمشكلة الإقتصادية لأسباب متعلقة بطبيعة هـذا الإقتصاد نلخص بعض أسبابها بالتالي :
1-الإقتصاد الكويتي إقتصاد أحادي المصدر فهو يعتمد على البترول حيث تمثل الصاردات منه أكثر من 95 % من الصادرات العامة للدولة و يمثل البترول الكويتي 10 % من الأحتياطي العالمي فى العالم و رغم ذلك تـثـور أحدى عناصر المشكلة الإقتصادية المتمثلة في عـدم تـعدد مصادر الـدخل مما يؤدي إلى سهولة التعرض للأزمات الإقتصادية و البحث عن الحلول لها في ظل مصدر أحادي ناضب الدخل يجعل المشكلة أكثر تعـقـيداً.
2-عـدم التحكم في أسعار البترول و الخاضعة لقـوانـيـن السوق ( العرض و الطلب ) مما يؤثر على ثبات الإيرادات بشكل مباشر و البحث عن حلول وقـتيه كالسحب من الاحتياطي العام للدولة مما يعرض الإقتصاد لمشاكل خطيرة في المستـقـبل و تجعله أقـرب للإقتصاد الـهش في ظل مصادر دخل غير متنوعة و متجددة .
3-رغم وجود إتفاقـيات دولية و منظمات تُـعني بالمجال النفطي - كمنظمة الأوبـك - إلا أنه و في كثير من الأحيان يواجه النفط الكويتي عدم الأستـقـرار بالأسعار نتيجة لتدخل بعض الدول في السياسة الإنتاجية للنفط.
4-تطور المصادر البديلة للنفط مما يؤدي إلى تراجع أهميته كمصدر رئيسي للطاقة وقـد عانى الإقتصاد الكويتي قديماً من نفس المشكلة عن إكتشاف اللـؤلــؤ الصـناعــي في مـواجهة اللـؤلــؤ الطبيعي .
5-الموارد المائية شحيحة نـظـراً للطبيعة الصحراوية للمنطقة و يتم تقطير وترشيح 75 % من المياه الصالحة للشرب مع وجود بعض المياه الجـوفية و التي تستخدم فى بعض الأحيان للشرب و الزراعة و نتيجة لذلك تعاني الدولة من عدم وجود الأراضي الصالـحـة للزراعة بالقدر اللأزم للقيام بالتنمية الزراعية في الدولة كأحد وسائل تنوع الـدخـل.
6-ارتـفاع مستوي دخل الـفرد في الكويت، رغـم انخفاضه في الوقت الحالي عن معدلاته السابقة نتيجة لإنخفـاض الـنـاتج المحلي وتـذبب أسعار النفط إلا أنه يعتبر من متوسطات الدخول العالية و هـذا أدى إلى الإستهلاك اللا مبرر والمبالغ فيه للسلع الكمالية الغير ضرورية نتيجة للـوفـرة المالية.

وتـستطيع الدولة مواجهة بعض أوجه المشكلة الإقتصادية من خـلال الخطوات التالية:
1-     السعي نحو توزيع مصادر الدخل و خلق مصادر بديلة للبترول .
2-    دعم الإيرادات العامة ببدائـل مثل فـرض الـرسـوم و الـضـرائـب .
3-    توجيه العمالة الكويتية نحو المهن المختلفة وعدم الإكتفاء بالمهن المكتبية للإسهام بعمليات تنمية الإقتصاد الكويتي .
4-    السعي نحو التنمية الإقتصادية بمحاورها المختلفة من خلال تنمية الصناعات النفطية المختلفة و بيع النفط المصنع بدل النفط الخام . وتشجيع الانشطة الزراعية و إلغـاء القيود على التجارة الخارجية .




[1]يـقصـد بالإغـراق "هـو حالة من التمييز في تسعير منـتج ما و ذلك عندما يتم بيـع المنتج في سـوق بـلد مـسـتورد بسعـر يـقل عن بـيـعه في سـوق البلد المصدر."

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجزء الثاني من محاضرات مبادي اقتصاد

الجزء الرابع - نظرية القيمة و نظرية الإنتاج

الجزء التاسع الاسواق