الجزء الثالث

النظام الإقتصادي الذي تبناه الدستور الكويتي
          صدرالدستورالكويتى في عام 1962 في مرحلة الإزدهارالإقتصادي و بعد تحول هذا الإقتصاد من إقتصاد بسيط يعتمد على الغوص على اللؤلؤ والصيد و بعض الإيرادات الضريبية ، أصبح يعتمد بشكل كامل أو شبه كامل على البترول مما يعني توافر موارد إقتصادية كبيرة قامت الدولة بتوجيهها نحوالتوسع العمراني وخلق الدولة الحديثة و لتحقيق هذا التطورالتنموي ، إنتهج المشرع الكويتي نهجاً خاصاً و صف بالإعتدال والوسطية ، فلم يتبني نظاماً إقتصادياً واحداً كالنظام الرأسمالي أو النظام الإشتراكي إنما تبني منهجاً يجمع بين ما يراه مناسباً للتطبيق في دولة حديثة العهد كدولة الكويت ، لها ظروفها الإجتماعية و الإقتصادية فلم يميل كل الميل ناحية أى نظام من هذه الأنظمة المتنازعة وإنما إختار أيدلوجية إقتصادية تتلائم مع ظروف المجتمع الكويتي.
سنقوم من خلال هذه الدراسة بوضع الضوءعلى مواد الدستور الكويتي لنبين من خلالها الأساس و الأهـداف التي يقوم عليها الإقتصاد الكويتي.

أسـس الإقتصاد الكويتي
أولاً :  إقرار الملكية الخاصة
          نصت المادة 16من الدستورالكويتي على أن" الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة الإجتماعي وللثروة الوطنية وهي جميعاً حقوق فردية ذات وظيفة إجتماعية ينظمها القانون "
و عكست المادة 16 من الدستور موقف هذا الأخير إزاء المذاهب الإقتصادية و حددت مكان المجتمع الكويتى منها . فالملكية و رأس المال والعمل مقومات أساسية لكيان الدولة و للثروة الوطنية يكمل كل منها الآخر و يضبطه .
·       الركن الأول حق الملكية
     لعل بدء المشرع الدستوري بحق الملكية في المادة 16 منه دليل على أهمية هذا الحق وضرورته كأحد الحقوق التى يتمتع بها ألأفراد في المجتمع الكويتي.
" فـهوحق الفرد في أن يتملك و هذه رخصة قانونية قد لا تتبلورفعلاً في تملك واقعي لكل الناس أوقد تتبلور عملاً في أى شئ مما يقبل التملك قل قدره أم كبر، وأي كان نوعه أو مصدره " . ( المذكرة التفسيريه للدستور الكويتي ) .
و هذا يعني أن الملكية الفردية محمية من قبل القانون بمختلف صورها وعناصرها .
و تنصرف هذه الحماية على كل ما يخوله القانون للفرد من حقوق . كالإنتفاع الإستعمال و الإستغلال والتصرف . و ترد هذه الملكية على الأموال بأشكالها المختلفة .
1-    الأموال الإستهلاكية و الأموال الإنتاجية .
أ‌-       الأموال الإستهلاكية والتي يستخدمها الفرد في إشباع حاجاته المختلفة ( الأكل – الملبس ) وقد ترد على أموال إنتاجية ( الآلات- المعدات - الأرض.... ) والتي تستخدم في العملية الإنتاجية لإنتاج السلع الإستهلاكية أو الإنتاجية .
ب‌-  أموال مادية كالآلات والمعدات أو أموال معنوية كحق الملكية الفكرية وحقوق الإختراع والإسم التجاري .وقد ترد هذه الملكية على العقارأو المنقول .

·       الركن الثاني رأس المال
     وهوأحد عناصرالإنتاج ، ويقصد به مجموعة من الأموال التي سبق إنتاجها والتي تستخدم في عملية الإنتاج من أجل خلق المزيد من المنتجات الإستهلاكية والإنتاجية[1] فهو يشمل الآلات والمعدات والمنشآت التي تساهم في الإنتاج ، ويكمل رأس المال الركن الأول وهوالملكية بحيث يسمح بتجميع الثروة أوما يسمي بتراكم الملكية وجمعها وإدخارها وتنميتها وإستثمارها في صورة رأس المال، وهوما يخالف النظام الإشتراكي التي يحظرالملكية على عكس النظام الرأسمالي والإسلامي اللذان أقرا حق الأفراد في ملكية رأس المال ، وهوما أخذ به الدستورالكويتي الذي سمح بملكية رأس المال مبتعداً بذلك عن مبادئ الإشتراكية المتطرفه
·       الركن الثالث ( العمل )
و يقصد به كل ما يمثل الجهد البشري عضلياً كان أم ذهنياً بهدف إنتاج السلع و الخدمات في مقابل أجرمحدد مستبعدين بذلك كل ما هو من عمل الآلة .
حرص المشرع الكويتي علي إدراج العمل كركن أساسي وأحد المقومات الأساسية لكيان الدولة الإجتماعي .
 فذكره بعد عنصر رأس المال ليحد من سيطرة رأس المال عندما يساء استغلاله ( يحد من غلواء رأس المال و تسلطه.)
مع الوضع فى الإعتبار أن المشرع الدستوري في المادة 16 وصف هذه الحقوق بأنها حقوق فردية ذات وظيفة إجتماعية ينظمها القانون .
وهذا يعني أن الملكية المقصودة من قبل المشرع ليست الملكية الفردية المطلقة وإنما هي الملكية ذات الوظيفة أو الطبيعة الإجتماعية أى الملكية التي لا تضر بمصلحة المجموع . و من خلال قيود تنظيمية يضعها القانون .
وقد وضحت المذكرة التفسيرية ذلك من خلال النص على أن للحقوق " وظيفة إجتماعية " لم يقصد به بالذات تحديد الملكية بل قصد بها تنظيم وظيفتها بما فيه صالح الجماعة إلي جانب حق المالك" ومن أمثلة ذلك التكاليف والارتفاقات المفروضة على رأس المال لصالح الدولة أو المجموع و نزع الملكية للمنفعة وفقاً للضوابط التي وردت في المادة 18 من الدستور ( أى في ألأحوال التي بينها القانون وبالكيفية المنصوص عليه و بشرط التعويض عنها تعويضاً عادلاً ) .

ثانياً  حماية الملكية الفردية  ( الخاصة )
   نصت المادة 18 من الدستورعلي أن " الملكية الخاصة مصونة ، فلا يمنع أحد من التصرف فى ملكه إلا في حدود القانون ، ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة بالقانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه وبشرط تعويضه تعويضاً عادلاً ، والميراث حق تحكمه الشريعة الإسلامية "[2] .
 إطلاق لفظ " مصونة " على الملكية الخاصة ليس دليل فقط على تطبيق المشرع لهذا النظام . وإنما أحاطه بعدد من الضمانات لا يجوز تجاوزها ومن هذه الضمانات :-
1-    أضفي المشرع على هذا الحق نوع من الحماية لا يجوز تجاوزه إلا من خلال القانون وهي أداة بالغة الأهمية .
2-    المصادرة العامة للأموال محظورة .
3-    لا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي في الأحوال المبية بالقانون[3]
4-    حق المالك في أن يورث ما يملكه للآخرين و فقاً لأحكام الشريعة الإسلامية حق تحديد الأنصبة الشرعية وقصرالوصية علي ثلث التركة فقط ، مع الوضع في الإعتبارأن التوريث ليس الطريقة الوحيدة في نقل الملكية ، فحق الملكية كما ذكرنا يترتب عليه نتائج منطقية وهي الحق في التصرف والإستعمال والإستغلال . كالبيع و الشراء و الهبة .
ثالثاً  إقرار الملكية العامة و حمايتها
الأموال العامة هى أموال مملوكة للدولة أو أحد أشخاص القانون العام ، وتكون للدولة الكلمة العليا في إدارتها أوالتصرف فيها أو تخصيصها وذلك بهدف تحقيق المصلحة العامة .
و نتيجة لتغير دورالدولة من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة ، توسع نشاط الدولة ليشمل مجالات وقطاعات كثيرة ، وتوسعت ملكية الدولة فيها في مواجهة الملكية الخاصة للأفراد . وسميت بالقطاع العام في حين سمي ما يملكه الأفراد بالقطاع الخاص .
قررت المادة (17) من الدستورأن " للاموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن" "
و قد قسمت أموال الدولة إلى قسمين :
1-    أموال الدولة العامة أوما يسمى بالدومين العام وذلك لتخصيصها للمنفعة العامة أو بحكم القانون وتخضع لأحكام القانون العام ولا يجوزالحجز أو التنفيذ عليها .
2-    أموال الدولة الخاصة أو ما يسمي بالدومين الخاص فملكية الدولة لها ملكية خاصة ويطبق عليها أحكام القانون الخاص ، ويجوزالحجز عليها كأصل عام ، إلا إن المشرع فى المرسوم رقم 105/1980 بشأن نظام أملاك الدولة ، لم يفرق بين أملاك الدولة العامة وأملاكها الخاصة[4] فيما يتعلق بإمكانية الحجزعليها مما يعني بأنه لايجوز الحجز على أملاك الدولة بصفة عامة سواء كانت أملاك خاصة أم أملاك عامة.
 ضمانات حماية الملكية الخاصة ( ضمانات ضد المخاطر غير التجارية )
و ضع المشرع ضمانات لصون الملكية الخاصة و يمكن إيرادها فى العناصرالتالية :-
1-    نزع الملكية و شروطها .
2-    تحريم المصادرة العامة .
3-    إقرار العدالة الإجتماعية .
و سنقوم بالتطرق لكل عنصر على حـده .
1-     نزع الملكية و شروطها .
المقصود بنزع الملكية[5] هو نزع الملكية الفردية جبراً تحقيقياً للمصلحة العامة . وقدعالج الدستورالكويتي هذا الموضوع من خلال المادة 18منه كما أوضحنا والمقصود هنا بنزع الملكية هي نزع ملكية العقارات ، و تسمي في الكويت ( بالتثمين ) لها أسباب تاريخية و إقتصادية وأخرى متعلقة بالتنمية حيث طبقت بشكل كبير منذ الخمسينات من القرن الماضى إلي الثمانينات مصحوبة بفكرة إعادة توزيع الموارد على الشعب ، والتوسع العمراني بما يتضمنه من ترغيب المواطنين لترك أملاكهم وعقاراتهم داخل المدينة و السكن في المناطق الأخرى ( خارج السور ) . وذلك من خلال التعويض العادل لهم وإن كان يفوق ويزيد عن قيمة الأرض المثمنة بأضعاف ، ولا يزال عمل إدارة نزع الملكية قائماً إلى الآن .[6]و قد وضع المشرع الدستوري شروطاً و قيوداً لنزع الملكية :


أ‌-        المنفعة العامة
وهو شرط أملته ضمانات حماية الملكية الخاصة فلا يجوز نزع ملكية أى عقار إلا بسبب المنفعة العامة أو المصلحة العامة وقد صدر القانون رقم 33/1864 و تعديلاته في القانون رقم 2/2006 لتنظيم هذا الأمر .
و من تطبيقات قانون نزع الملكية ما ورد في أحكام القانون قم 116/2013 الخاص الإستثمار المباشر و كضمان من الضمانات التي تمنح للمستثمر بعدم جواز مصادرة أى كيان أستثمارى مرخص فيه طبقاً لأحكام القانون رقم 116/2013 إلا للمنفعة العامة طبقاً للقوانين المعمول بها و مقابل تعويض يعادل القيمة الإقتصادية الحقيقية للمشروع المنزوعة ملكية وقت نزع الملكية .

ب- التعويض العادل
و يقصد بالتعويض هو المبلغ المالي الذي يحصل عليه صاحب العقار المنتزعة ملكيته من قبل الدولة. و يجب أن يكون هذا التعويض عادلاً ومنصفاً ومساوياً للقيمة الإقتصادية الحقيقية للمشروع أو العقار المنزوعة ملكية . ويجد هذا الحق أى الحصول على تعويض أساسه القانوني في :-
أ‌-       الملكية حق أصيل ينعقد للفرد أو الجماعة و لا يجوز الخروج عنه إلا في إطارالقانون .

ب‌-  الخسارة التي تترتب على نزع الملكية يجب تعويض مالك العقارعنها والا نكون أمام مخالفة للدستور .
و قد أقر قانون الإستثمارالمباشر في دولة الكويت حق المستثمر في الحصول على تعويض و حال وحقيقي في حالة نزع ملكية المشروع و هو ما نصت عليه المادة 19من القانون المذكور " ... و مقابل تعويض عادل يعادل القيمة الإقتصادية الحقيقية للمشروع المنزوعة ملكية وقت نزع الملكية ، وتقدر فقاً للوضع الإقتصادي السابق على أى تهديد بنزع الملكية و يدفع التعويض المستحق فور إتخاذ القرار المشار إليه .
2-    تحريم المصادرة العامة

     نصت المادة 19من الدستورعلى" المصادرة العامة للأموال محظورة ، ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي في الأحوال المبينة بالقانون ، والمقصود بالمصادرة " هي نقل ملكية مال من صاحبه إلى الدولة دون أى تعويض .
وهي نوعان مصادرة عامة و مصادرة خاصة .
فالمصادرة العامة ترد على جميع ما يملكه المحكوم عليه . و قد حظرها الدستور لما يترتب عليها من نتائج خطيرة .
أما المصادرة الخاصة فهي التي ترد على مال معين أو أموال معينة بذاتها .

-         و قد تكون المصادرة إدارية وهي أن تقوم الإدارة بنفسها بتحصيل حقـوقها لدى الغير، أو تكون المصادره قضائية وهو تجريد المالك مما يملك بناء على حكم قضائي[7].
و قد منع الدستور الكويتي المصادرة العامة بأنواعها وصورها واستثني فقط المصادرة القضائية وفق الأحوال المبينة بالقانون.

3-    إقرار العدالة الإجتماعية

ورد في الباب الثاني من الدستور مادة 20 في المقومات الإساسية للمجتمع الكويتي أن " الإقتصاد الوطني أساسه العدالة الإجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وهدفه تحقيق التنمية الإقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين وذلك كله في حدود القانون.
أ‌-       الإقتصاد الوطني أساسه العدالة الإجتماعية .

و لتحقيق هذه العدالة يجب أن يتعاون القطاع العام والخاص لإشباع حاجات المجتمع .
فالعدالة الإجتماعية نظام إجتماعي إقتصادي بهدف إلى تخفيف الفوارق الإقتصادية بين طبقات المجتمع الواحد من خلال إعادة توزيع الدخل القومي وتوفيرحماية قانونية لذوي المراكز الإقتصادية الأضعف والمساواة في الفرص . فيما يحقق العدالة والمساواة بين الناس للوصول إلى الديمقراطية الإجتماعية .

ب‌-   التعاون العادل بين النشاط العام و النشاط الخاص .

و المقصود هنا بالتعاون العادل وحسب ما أوردته المذكرة التفسيرية " حتى لا يطغى أى من النشاطيين المذكورين على الآخر ، والعدل هنا أمرتقريبي لا يعني التعاون الحسابي أوالمناصفة بينهما فالمسألة متروكة للمشرع داخل هذا التحديد المرن يقدر فيه كل مجال مدى تدخل الدولة بما يتفق وحالة البلاد و مقتضيات التوفيق بين الصالح العام ومصالح الأفراد فيوسع نطاق النشاط العام مثلاً في الأمور ذات الصلة الوثيقة بأمن الدولة أو أسرارها أوالإقتصاد القومي في حين يوسع على النشاط الحر مثلاً في ألأمور التجارية و إشباع الحاجات العامة الجارية ....)
و لعل صدور القانون رقم 116/2014 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص خير دليل على تفعيل المادة 20 من الدستور .



v    أهداف الإقتصاد الكويتي
كأي إقتصاد يهدف الإقتصاد الكويتي لتحقيق عدة أهداف:
1-    تحقيق التنمية الإقتصادية .
     ورغم إختلاف وتنوع تعاريف التنمية الإقتصادية إلا إنها تسعي إلى تحقيق هدف واحد وهو الوصول إلى الأفضل وتعتبرجميعا محاولات لوصف التنمية كل من خلال الزاوية التي ينظر منها . و يمكن تعريفها بأنها عملية شاملة ومستمرة و موجهه وواعية تمس جوانب المجتمع وتحدث تغيرات كمية وكيفية وتحولات هيكلية تستهدف الإرتقاء بمستوي المعيشة لكل أفراد المجتمع والتحسين المستمر لنوعية الحياة فيه بالإستخدام الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة و لعل صدور قوانين إقتصادية تعني بالتنمية الإقتصادية دليل على حرص المشرع الكويتي وسعيه لتحقيق هذه التنمية من خلال أدوات تشريعية تساعده وتسهل هذه العملية.
2- زيادة الإنتاج

     يمثل زيادة الإنتاج أحدي الأهداف الرئيسية للإقتصاد الكويتي ، ولا يمكن تحقيق الهدف الأول وهو التنمية الإقتصادية دون المرورعلى هذه المرحلة لمواجهة الإحتياجات المتزايدة للمجتمع إشباع حاجاته لتغطية الطلب الفعلي المتزايد و يمكن تحقيق ذلك بالسعي إلى تحديث وسائل الإنتاج و تطويرها .

3- رفع مستوي المعيشة و تحقيق الرخاء
لعل وضع هذا الهدف كأحد أهداف الإقتصاد الكويتي أمر طبيعي في ظل إقتصاد نفطي مدر لإيرادات مالية ولكن لا يتم ذلك دون وضع خطة شاملة . فمستوى المعيشة يشير لمستوى الثروة والراحة و السلع المادية والضرورات المتوفرة لفئة إجتماعية - إقتصادية موجودة في مكان ما , فهو يرتبط بجودة الحياة .و يمكن تحقيقها برفع مستوي دخول الأفراد ، ورفع الأجور وتوفير الخدمات سواء الضرورية منها أو الكمالية و جعلها في متناول يد كل من يحتاجها و من خلال أدوات تملكها الدولة منها التحكم بالإستقطاعات المالية المفروضة على الأفراد و الجماعات (كالضرائب والرسوم) و إعادة توزيع الدخل القومي بإتجاه يحقق مستوي معيشي متوازن لإفراد المجتمع . و تحقيق الرخاء للإفراد يكون من خلال توفير حاجاته المتنوعة من مأكل و ملبس ومسكن والرعاية الصحية والتعليمية و هو ما نص عليه الدستور الكويتي فى الباب الثاني من المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي[8].

4-    حماية الثروات الطبيعية و حسن إستخدامها

     نصت المادة 21 من الدستورعلى " الثروات الطبيعية جميعها و مواردها كافة ملك للدولة ، تقوم على حفظها و حسن إستغلالها بمراعاة مقتضيات أمن الدولة و إقتصادها الوطني" .
حيث يمثل البترول و مشتقاته المصدرالرئيسي للإيرادات في الدولة و يمثل أكثر من 90% منها ، فالإقتصاد الكويتي أحادي المصدروترك هذه الثروة بيد الأفراد يعرض الإقتصاد لمخاطر كبيرة لذلك حظرالدستورالكويتي نقل ملكية الثروات الطبيعية للأفراد وذلك حرصاً منه على حسن إستغلالها و المحافظة عليها و مراعاة لأمن الدولة و إقتصادها الوطني .
و هذا يعني أن تراعي الدولة في هذا الشأن أمرين معاً :-
الأمر الأول :
               ما قد يقتضيه أمن الدولة من قيودعلى كيفية الحفظ والإستغلال وعلى من قد يعهد إليهم بهذا العمل أو ذاك فقد يكون مورد الثروة وثيق الصله بالدفاع أوالأمن العام في الحال أو مستقبلاً ، كما ينطوي على أسرار توجب إتخاذ بعض الضمانات الخاصة عند حفظه أو إستغلاله .

الأمر الثاني :
            هو أن تراعي الدولة عند استغلالها لأى مصدر من مصادر الثروة أو مورد من مواردها دور هذا المصدر أو المورد فى الإقتصاد الوطني فى مجموعة وهو مخطط له أهميته البالغة في إقتصاد الدولة مما يقتضي أن يصدر به قانون خاص تطبيقاً لأحكام الدستور وقد صدر المرسوم رقم 6/1980 بإنشاء مؤسسة البترول الوطنية تطبيقاً لذلك .


5-   تنظيم العلاقة بين الأطراف الإقتصادية غيرالمتكافئة

     تطبيقاً للعدالة الإجتماعية التي نادى بها الدستورالكويتي نظم القانون العلاقة بين الأطراف الإقتصادية الغيرمتكافئة كالعمال وأصحاب العمل ، وعلاقة المستأجرين بملاك العقارات ، وقد صدرت الكثيرمن القوانين تطبيقاً لذلك مثل قانون العمل في القطاع الأهلي وقانون الإيجارات ، وقد راعى المشرع العادي الأسس الدستورية التي تدعو لتطبيق العدالة الإجتماعية على أسس إقتصادية تراعي مصلحة الطرفيين .

6-   تشجيع التعاون والإدخار وتنظيم الائتمان

أ‌-       تشجيع التعاون
     تماشياً مع نص المادة السابعة من الدستورالكويتي والتي تنص على أن " العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين " والمادة العشرون و التى تحدثت عن التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص وما أكدته المادة 23 من الدستور من تشجيع الدولة للتعاون، فقد صدرأول قانون للتعاون في عام 1962 وتم إشهار أول جمعية تعاونية وهي جمعية كيفان وانتشر هذا النظام في جميع مناطق الكويت .

ب‌-   الإدخار و تنظيم الإئتمان
1-   الإدخار
نصت المادة 23 من الدستور على " تشجيع الدلولة التعاون و الإدخار" .
والمقصود بالإدخارهو ذلك الجزء من الدخل الذي لا ينفق على السلع والخدمات. بعبارة أخرى التضحية بجزء من الإستهلاك لتكوين الثروات للمستقبل وهو أمر رغم نص الدستورعليه ، إلا أن التطبيق العملي كشف عكس ذلك ولعل أحد أسباب تراجع الإدخار في الكويت سعرالفائدة المنخفضة الذي تقدمه البنوك على الودائع والحسابات مما يؤدي إلى إعراض الكثير من الإفراد عن إدخار أموالهم .

2-   تنظيم الإئتمان
في العام 1968 صدر القانون رقم 32/1968 بإنشاء البنك المركزي وأناط بهذا الأخير عدة مهام منها العمل على توجيه سياسة الإئتمان بما يساعد على التقدم الإقتصادي و زيادة الدخل القومي . بالإضافة لوظيفته كبنك ومستشار للحكومة ومراقب للجهاز المصرفى و مصدر للعملة الوطنية لحساب الدولة .


7-  فرض الضرائب و التكاليف العامة على أساس العدالة الإجتماعية .
     نصت المادة 24 من الدستور على " أن العدالة أساس الضرائب والتكاليف العامة وفرض الضريبة حسب المقدرة التكليفية أو المالية للممول أو دافع الضريبة هو أحد التي يقوم عليها مبدأ العدالة الإجتماعية وقد أكدت المادة 48 من الدستورعلى هذا المبدأ حين وصت على إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدني للمعيشة[9].
و من الضرائب الموجودة فى الكويت ضريبة الدخل الكويتية و التى صدرت بالمرسوم رقم 3/1955 وتعديلاته بالقانون رقم 2/2008 و الضريبة على الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية القانون رقم ( 19/2000 ) والضريبة علي الشركات المساهمة الكويتية قانون ( 46/2006 ) والضريبة على الأرض الفضاء القانون رقم 5/1994 المعدل بالقانون 8/2008 ، و الضرائب الجمركية و ضرائب التسجيل العقاري .

8-   قيام المجتمع على فكرة التضامن الإجتماعي

1-    نصت المادة 25 من الدستورعلى" أن تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة وتعويض المصابين بأضرارالحرب أو بسبب تأدية واجباتهم العسكرية " و هذا يعني أن الدولة تتحمل :-

1-    مسؤولية الأعباء الناجمة عن الكوارث و المحن العامة .

2-    تعويض المصابين بأضرار الحرب أو تأديتهم واجباتهم العسكرية .

v    تقييم النظام الإقتصادي الكويتي

          من خلال ما تطرقنا له من النصوص الدستورية وأنواع الأنظمة الإقتصادية المختلفة نستطيع الوصول إلى نتيجة وهي أن النظام الإقتصادي الكويتي نظام مختلط جمع ما يراه مناسباً لظروف الدولة بحيث أخذ بالنظام الرأسمالى وطعمه ببعض عناصر النظام الإشتراكي الملائمة و المناسبة لطبيعة المجتمع الكويتي مما خلق نظاماً إقتصادياً متميزاً له طبيعته الخاصة .




[1] لن نخوض في التعارف المختلفة لرأس المال ، و هو ما سنقوم بدارستة فى عنصر " رأس المال " كأحد عناصر الإنتاج فيما بعد .
[2]   المادة الثانية من الدستور " دين الدولة الإسلام و الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع "
[3] مادة 19 من الدستور " المصادرة للأموال محظورة ، ولا تكون المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي فى الأحوال المبينة في القانون ."
[4]و يرى إتجاه آخر أن هذه الحماية تنصرف فقط للأموال العامة كما ورد في كتاب أصول الإقتصاد السياسي للدكتور عبد المنعم نعيم و الدكتور بدر المطيري .ص62 وما بعدها
و لكننا نلاحظ أن المشرع الكويتي لم يحجب هذه الحماية عن أملاك الدولة الخاصة و لم يفرق بين الأموال العامة والأموال الخاصة المملوكة لدولة ( المرسوم رقم 105/1980 ) الخاص بأملاك الدولة ، بالإضاقة إلى أن القانون رقم 1/1993 الخاص بالاموال العامة في تعريفه للمال العام شمل أيضا ما تملكه الدولة ملكية خاصة رغم استخدامه للفظ الأموال العامة و توسع في مفهوم الأموال و أدخل العديد من الجهات التي لا تعتبر أموالها أمولا عامة لمجرد وجود أملاك مملوكة للدولة بنسبة 25% ( مادة 2 ) . و يمكن الاستناد أيضا على القانون رقم 30 لعام 1964 الخاص بإنشاء ديوان المحاسبة المادة الخامسة في الجهات التي تشملها رقابة ديوان المحاسبة و أخير و ليس آخراً القانون رقم 47/1982 بإنشاء الهيئه العامة للإستثمار المادة الثانية فالأموال الخاصة بإحتياطي الأجيال المقبله تدخل في الأموال الخاصة للدولة أو ما يسمي بالدومين المالي الخاص وقيام الهيئه باداره هذه الأصول المالية للدولة يحتاج لحمايه لتعلقها بحقوق الأجيال المقبله اذن نستطيع القول في النهاية بأن المشرع الكويتي أضفى حماية على أموال الدوله الخاصة مماثلة للحماية التى أضفاها على أموال الدولة العامة ، و لعل سبب ذلك مرده إلى طبيعة هذه الأموال و مآل استخدامها.
[5] الأصل في نزع الملكية أنها تنصب على العقارات عند أغلب الفقهاء ، وقد ورد في الدستور الكويتي كنص عام ، و هذا يعني جواز تطبيقه على المنقولات أيضا فقد نصت المادة 7 من قانون الآثار الكويتي رقم 81/1960 الصادر قبل الدستور على " لرئيس المعارف أن يستملك أى أثر منقول أو غير منقول يوجد في أراضي الكويت . و يتم ذلك وفقاً للأنظمة المقررة "
[6] تمت أول عملية تثمين في الكويت في العام 1947 حيث تم تثمين 3 بيوت في هذا اليوم ، و صدر القانون رقم 33/1964 في شأن نزع الملكية و الإستيلاء المؤقت لمنفعة العامة ، و الذي ينص على إنشاء إدارة نزع الملكية كإدارة مستقلة تتبع المجلس البلدي . و في العام 2006 صدر القانون رقم 2/2006 ليعدل من أحكام القانون السابق و لينشأ إدارة مستقلة تلحق بوزارة المالية تسمي بإدراة نزع الملكية للمنفعة العامة.
[7] وقد تكون المصادرة وجوبية او جوازية و من شروطها :- 1- إرتكاب جريمة تامه فلا يكفي الشروع فيها, 2- يجب أن تكون هذه الجريمة جنايه أو جنحة, 3- صدور حكم قضائي بالمصادرة, 4- أن تقع على الأشياء المضبوطة في الجريمة فقط.
[8] ورد فى الباب اثاني المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي و تطرقت ديباجة الدستور لهاذ الموضوع حينما ذكرت " وسعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية.
[9] قررت المذكرة التفسيرية شمول هذا الحكم كل الضرائب سواء كانت عامة أو محلية و غير ذلك من التكاليف العامة لفي الرسوم و ما يجري مجراه"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجزء الثاني من محاضرات مبادي اقتصاد

الجزء الرابع - نظرية القيمة و نظرية الإنتاج

الجزء التاسع الاسواق